للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلِيلِهِ، مراعاة للترتيب، وَقِيلَ: يَسْتَأْنِفَانِ، أي الجنب الغسل؛ والمحدث الوضوء؛ لأنها طهارة مركبة من أصل وبدل، فإذا بطل البدل! بطل الأصل؛ كنزع الخف، وَقِيلَ: الْمُحْدِثُ كَجُنُبٍ، أي فلا يعيد غسلًا، ومراده على الأصح؛ لأنه قد حكى الخلاف فيه كما علمته. قُلْتُ: هَذَا الثَّالِثُ أصَحُّ، وَاللهُ أَعْلَمُ، واحترز بقوله (وَلَمْ يُحْدِثْ) عما إذا أحدث فإنه يعيد جميع ما سبق، قال أصحابنا كما نقله عنهم في شرح المهذب: وإذا أجنب صاحب الجبيرة ونحوها، لا يلزمه النزع بخلاف الخف، والفرق

عدم المشقة هناك.

فَصْلٌ: يُتَيَمَّمُ بِكُلِّ تُرَابٍ، بجميع أنواعه لقوله تعالى: {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا}.

قال ابن عباس: هو التراب (٢٤٧) طَاهِرٍ, أي فلا يجوز بتراب نجس كالماء, حَتَّى مَا يُدَاوَى بِهِ، أي كالطين الإِرمنَي لوقوع اسم التراب عليه، وَبِرَمْلٍ فِيهِ غُبَارٌ، أي منه حتَّى لو سحق الرمل وتيمم به جاز كما قال المصنف في فتاويه؛ لأنه من طبقات الأرض والتراب جنس له، لاَ بِمَعْدِنٍ وَسَحَاقَةِ خَزَفٍ، لأنه لا يسمى ترابًا ما اتُّخذ من الطين وشُوِيَ كالكيزان، وَمُخْتَلِطٍ بِدَقِيقٍ وَنَحْوِهِ، لأن الخليط يمنع وصول التراب إلى العضو، وَقِيلَ: إِنْ قَلَّ الْخَلِيطُ جَازَ، كالماءِ؛ والفرق كثافته ولطافة الماء، وَلَا بِمُسْتَعْمَلٍ عَلَى الصَّحِيح، كالماء، والثاني: يجوز؛ لأنه لا يرفع الحديث بخلافه كذا علَّله الرافعي؛ ومقتضاه إلحاق الماء الذي استعمله دائم الحديث بالتراب؛ لأن


(٢٤٧) الصَّعِيدُ: وَجْهُ الأَرْضِ؛ كان عليها تراب أم لم يكن! قاله الخليل وابن الأعرابي والزجاج كما نقله القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ٥ ص ٢٣٦. وقال: إنما سُمِّيَ صعيدًا لأنه نهاية ما يُصعَدُ إليه من الأرض. وعند الإمام الشافعي - رضي الله عنه - لا يقع الصعيد إلا على تراب ذي غبار، وهو التراب المنبت وهو الطيب كما في قوله تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذنِ رَبِّهِ} [الأعراف / ٥٨]. وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضى الله عنهما قال: الصعيد الحَرْثُ؛ حَرْثُ الأرض. في السنن الكبرى: النص [١٠٥٧ و ١٠٥٦]. فالصعيد الطيب هو التراب الذي يعلو وجه الأرض. ونقل
القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: ج ٥ ص ٢٣٦: عن علي - رضي الله عنه -: هو التراب خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>