للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ: وَعِدَّةُ حُرَّةٍ ذاتِ أَقْراءٍ ثَلَاثَةٌ، لقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} (٩٧)، والْقُرْءُ: الطُّهْرُ؛ لأنه المراد في الآية كما قررته في الأصل، فَإِنْ طُلِّقَتْ طاهِرًا، أي قبل جماع فيه أو بعده، انْقَضَتْ بِالطَّعْنِ في حَيْضَةٍ ثالِثَةٍ، إن بقي من الطهر بعد وقوع الطلاق بقية، أَوْ حائِضًا فَفِي رابِعَةٍ، لأنَّ الظاهر أن الذي ظهر حيض، فيكون الطهر قبله قد كمل، أما إذا لم يبق، بأن انطبق آخر لفظ الطلاق على آخر الطهر، ويتصور ذلك بأن يقول أنتِ طالقٌ في آخر أجزاء طهرك أو يقع ذلك اتفاقًا، فالأصح أنَّه لا يعتد بذلك، وَفِي قَوْلٍ: يُشْتَرَطُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ بَعْدَ الطَّعْنِ، أي في الحيضة الثالثة في المسألة الأُولى، والرابعة في الثانية، لاحتمال أن ذلك دم فساد فلا ينقضي بالشك.

فَرْعٌ: ذكر المصنف حكم الطلاق في الحيض والطهر؛ ولم يذكر حكم النفاس، وظاهر كلامه في الروضة تبعًا للرافعي في الحال الثاني في اجتماع عدتين؛ أن النفاس لا يحسب من العدة.

وَهَلْ يُحسَبُ طُهْرُ مَنْ لَمْ تَحِضْ قُرءًا؟ قَوْلَانِ. بِناءً عَلَى أَنَّ الْقَرْءَ انْتِقالٌ مِنْ طُهْرٍ إِلَى حَيْضٍ، أَمْ طُهْرٌ مُحْتَوَشٌ بِدَمَيْنِ، والثّانِي أَظْهَرُ، لأنَّ اللفظ مأخوذ من قولهم قرأت الماء في الحوض؛ أي جمعته؛ فزمان الطهر يجتمع فيه الدم في الرحم، وزمان الحيض يجمع شيئًا ويرسل شيئًا إلى أن يدفع الكل، فحصل معنى الجمع فيهما، ووجه مقابله؛ أنَّه من قولهم: قرأ النجم إذا طلع، وقرأ إذا غاب، وهو ما رجحوه فيما إذا قال: أنت طالق في كل قرء طلقة؛ وكانت لا تحيض؛ أنها تطلق في الحال.


= حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْها حَيْضَةً؛ فَإِنَّها تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ؛ فَإِنْ بانَ بِها حَمْلٌ فَذاكَ، وَإِلّا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب العدد: باب عدة من تباعد حيضها: الأثر (١٥٨١٧)، وقال: فإلى ظاهر هذا كان يذهب الشافعي -رحمه الله- في القديم، ثمَّ رجع عنه في الجديد إلى قول ابن مسعود - رضي الله عنه -.
(٩٧) البقرة / ٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>