للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَشْهُر جَاهِلًا، أي إن كان الطلاق بائنًا، أَوْ عَالِمًا فِي رَجْعِيَّةٍ تَدَاخَلَتَا؛ فَتَبْتَدِئُ عِدَّةً مِنَ الْوَطْءِ؛ وَيَدْخُلُ فِيهَا بَقِيَّةُ عِدَّةِ الطَّلَاقِ، لأنه لا معنى للتعدد والحالة هذه لاتحاد الجنس، فَإِنْ كَانَتْ إِحْدَاهُمَا حَمْلًا وَالأُخْرَى أَقرَاءً، أي بأن طلقها وهي حامل ثم وطئها قبل الوضع، أو طلقها وهي حائل ثم وطئها في الأقراء، ثم أحبلها، تَدَاخَلَتَا فِي الأَصَحِّ، لأنهما من شخص واحد فأشبها المتجانسين، والثاني: لا، لاختلاف الجنس، فَتَنْقَضِيَانِ بِوَضْعِهِ، لأنه فائدة التداخل، وَيُرَاجَعُ قَبْلَهُ، أى قبل الوضع إن طرأ الوطء، وهي تعتد بالحمل؛ لأنها في عدة الطلاق الرجعي والحمل لا يتبعض.

وَقِيْلَ: إِنْ كَن الْحَمْلُ مِنَ الْوَطْءِ فَلَا، لأن عدة الطلاق قد سقطت؛ وهي الآن معتدة عن الوطء، والأصح: نعم؛ لأنها في عدة الطلاق، فإن وجبت عليها عدة أخرى كما قدمته؛ وجميع ما ذكرناه فيما إذا كانت لا ترى الدم على الحمل أو تراه، وقلنا ليس هو بحيض، فأما إن جعلناه حيضًا، فهل تنقضي مع الحمل العدة الأخرى بالأقراء؟ فيه وجهان؛ أظهرهما: نعم، أَوْ لِشَخْصَينِ بِأَنْ كَانَتْ فِي عِدَّةِ زَوْجٍ أَوْ شُبْهَةٍ فَوُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً مُعْتَدَّةً عَنْ شُبْهَةٍ فَطُلِّقَتْ فَلَا تَدَاخُلَ، أي فتعتد عن كل منهما عدة كاملة خلافًا لأبي حنيفة، لنا أثر عمر - رضي الله عنه - (•) في ذلك كما رواه إمامنا عن مالك بسنده (١٠١)، ولأنهما حقان مقصودان من جنس


(•) في النسخة (٢): ابن عمر.
(١٠١) • أَسْنَدَهُ الشَّافِعِي -رَحِمَهُ الله-؛ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيْدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ؛ وَسُلَيْمَانُ بْنُ بَسَارٍ؛ (أَنَّ طُلَيْحَةَ كَانَتْ تَحْتَ رَشِيْدٍ الثَّقَفِي؛ فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ؛ فَنَكحَتْ فِي عِدَّتِهَا. فَضَربَهَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -؛ وَضَربَ زَوْحَهَا بِالْمِخْفَقَةِ ضَربَاتِ، وَفرَّقَ بَيْنَهُمَا) ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: (أَيَّمَا امْرَأَةٍ نَكَحَتْ فِي عِدَّتِهَا، فَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ الَّذِي تَزَوَّجَ بهَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجهَا الأَوَّلِ؛ وَكَانَ خَاطِبًا مِنَ الْخُطَّابِ، وَإِنْ كَانَ دَخلَ بِهَا؛ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا، ثُمَّ اعْتَدَّتْ بَقِيَّةَ عِدَّتِهَا مِن زَوْجِهَا الأَوَّلِ، ثُمَّ اعْتَدَّتْ مِنْ زَوْجِهَا الآخَرِ، ثُمَّ لَمْ يَنْكَحْهَا أَبَدًا). رواه الشافعي في الأُمِّ: باب اجتماع الْعِدَّتَيْنِ: ج ٥ ص ٢٣٣.
• عن مسروق: (أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - رَجَعَ عَنْ قَوْلهِ فِي الصَّدَاقِ، وَجَعَلَهُ لَهَا =

<<  <  ج: ص:  >  >>