للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واقتص الوارث أو عفى على مال أو مجانًا فظواهر الشرع تقتضي سقوط المطالبة في الدار الآخرة كما قاله المصنف.

الْفِعْلُ الْمُزْهِقُ، أي للروح، ثَلَاثَةٌ: عَمْدٌ، وَخَطَأٌ، وَشِبْهُ عَمْدٍ، وجه الحصر؛ أن الجاني إن لم يقصد عين المجني عليه فهو الخطأ، وإن قصده، فإن كان بما يقتل غالبًا فهو العمد، وإلا فهو شبه العمد. وَاعْلَمْ: أنَّ قَيْدَ الإِزْهَاقِ يُخْرِجُ الجنايةَ على الأطرافِ، فلو عبَّر بالجناية لكان أشمل.

وَلَا قِصَاصَ إِلَّا فِي الْعَمْدِ، أما وجوبه فيه عند اجتماع شرائطه فبالإجماع؛ وأما عدم وجوبه في الخطأ؛ فلقوله تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (١٥١) فأوجب الدية ولم يتعرض للقصاص، وأما عدم وجوبه في شبه العمد؛ فلقوله - صلى الله عليه وسلم -[أَلَا أَنَّ دِيَّةَ الْخَطَإِ شِبْهِ الْعَمْدِ مَا كَانَ بِالسَّوْطِ وَالْعَصَا فِيْهِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا] صحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ وابنُ القَطَّانِ. وقال: لا يضرُّهُ الاختلاف (١٥٢).

وَهُوَ، أي العمد، قَصْدُ الْفِعْلِ وَالشَّخْصِ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا: جَارِحٌ أَوْ مُثَقَّلٌ، وهذا ما اقتصر عليه الجمهور في تفسيره؛ ويشترط في العمدية تعمد قصد عين الشخص، ورجح في الروضة في موضع؛ ما يقتضي عدم اشتراطه، فَإِنْ فُقِدَ قَصْدُ أَحَدِهِمَا، أي الفعل أو الشخص، بِأَنْ وَقَعَ عَلَيْهِ فَمَاتَ، أوْ رَمَى شَجَرَةً فَأَصَابَهُ؛


(١٥١) النساء / ٩٢.
(١٥٢) • رواه أبو داود في السنن: كتاب الديات: باب في الخطأ شبه العمد: الحديث (٤٥٤٧). والنسائي في السنن: كتاب القسامة: ذكر الاختلاف على خالد الحذاء: ج ٨ ص ٤١. وابن ماجه في السنن: كتاب الديات: باب دية شبه العمد: الحديث (٢٦٢٨).
• رواه ابن حبان في الإحسان: كتاب الديات: ذكر وصف الدية في القتيل الخطأ: الحديث (٥٩٧٩). وقال ابن الملقن -رحمه الله-: وقال ابن القطان: هو صحيح ولا يضره الاختلاف: ينظر تحفة المحتاج: ج ٢ ص ٤٤٣: الحديث (١٥٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>