للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَخَطَأْ، هذا تفسيرٌ للخطأ؛ وهو مهموز (•) وفي المثال الأول نظر، فإن الواقع لا ينسب إليه فعل فضلًا عن كونه خطأ، نَعَمْ يجعل حكم فعله حكم الخطأ لقربه منه وبُعده عن غيره، وَإِنْ قَصَدَهُمَا، يعني الفعل والشخص، بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالبًا فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَمِنهُ الضَّرْبُ بِسَوْطٍ أوْ عَصًا، هذا هو الصحيح في تفسيره؛ وقد أوضحت ذلك في الأصل.

فَلَوْ غَرَزَ إِبْرَةً بِمَقْتَلٍ، أي كالدماغ والعين وأصل الأذن ونحوها، فَعَمْدٌ؛ لخطر الموضع وشدَّة تأثيره، وَكَذَا بِغَيْرِهِ، كالإلية والفخذ، إِنْ تَوَرَّمَ، أي الموضع للإمعان في الغرز والتوغل في اللحم، وَتَأَلَّمَ حَتى مَاتَ، للعلم بحصول الهلاك به، وفيه وجه في الكفاية: أن مَحِلَّهُ إذا لم يبالغ في إدخال الإبرة. فإن بالغ وجب الْقَوْدُ قطعًا، كما صرح به جماعة، وعبارة الرافعي صريحة في جريان الخلاف في المبالغة، ولم يذكر الحاوي الصغير الألم بل اقتصر على الورم، قال الرافعي: وَالْوَرَمُ يُغني عنه؛ لأنه لا يخلو عنه، وقال المصنف في كلامه على الوسيط في دوام الألم بلا ورم، الأصح الوجوب، وبه قطع الشيخان أبو حامد وأبو إسحق، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرٌ وَمَاتَ فِي الْحَالِ فَشِبْهُ عَمْدٍ؛ لأنه لم يقتل مثله في العادة. فأشبه ما لو مات بعد مدة ولم يعقب الغرز ألمًا ولا ورمًا، وَقِيْلَ: عَمْدٌ، كما لو طعنه بمسلة فمات فِي الحال؛ لأن في البدن مقاتل خفية ربما صادفها، وَقِيْلَ: لَا شَيْءَ، أي لا قصاص ولا دية، وفي الرُّقْمِ للعبادي: أن الغرز في بدن الصغر والشيخ الهرم والنَّضْوِ الخلق (١٥٣) يوجب القِصَاص بكل حال، وَلَوْ غَرَزَ فِيْمَا لَا يُؤْلِمُ كَجِلْدَةِ عَقِبٍ فَلَا شَيْءَ بحَالٍ، لعلمنا أنه لم يمت به، والموت عَقِبهُ موافقة قدر؛ فهو كما لو ضربه بقلم أو ألقى عليه خرقة فمات في الحال.

فَرْعٌ: قَالَ الإِمَامُ: إِبَانَةُ فَلَقَةٍ (•) خَفِيْفَةٍ مِنَ اللَّحْمِ كَغَرْزِ الإِبْرَةِ.


(•) في النسخة (١): مشهور بدل مهموز.
(١٥٣) النَّضْوُ بالْكسْرِ: الْبَعِيْرُ الْمَهْزُولَةُ. وَ (النَّضْوُ) أَيْضًا الثَّوْبُ الخلق. وَأَنْضَيتُ الثَّوْبَ أَخلَقْتُهُ وَأَبْلَيْتُهُ.
(•) في النسخة (١): قِلْفَةٍ بدل فَلَقَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>