فَمَضْمُون عَلَى الصَّحِيْح؛ لأنَّ الارتفاق بالطريق مشروط بسلامة العاقبة كما قدمناه. والثاني: لا، لإطراد العادة بالمسامحة به مع الحاجة، والثالث: إن ألقاهُما في مَتْنِ الطَّريق ضمن، وإلا فلا. واحترز (بِالطَّرِيقِ) عما إذا ألقاها في ملكه أو مواتٍ فزلق بها إنسان فهلك أو تلف بها مال فإنَّه لا ضمان.
فَصْلٌ: ولَوْ تَعَاقَبَ سَبَبَا هَلَاكٍ؛ فعَلَى الأوَّل؛ لأنَّه المهلك؛ إما بنفسه وإما بواسطة الثَّاني فأشبه الترديةُ مع الحفر ثم مَثلَ ذلك بقوله: بِأن حَفَرَ وَوَضَعَ آخَرُ حَجَرًا عُدوَانًا فعُثِرَ بِهِ وَوَقَعَ العاثِرُ بِهَا، فَعَلَى الوَاضع، لأنَّ العاثر بها، هو الذي ألجأهُ إلى الوقوع؛ فكانه أخذه فَرَدَّاهُ، فَعَلَى الوَاضع الضَّمَان، فإن لَم يَتَعَدَّ الوَاضِعُ، أي بأن وضع حجرًا في ملكه، وحفر متعد هناك بئرًا فعثر به رجل ووقع فيها، فَالمَنْقُولُ تضمِيْنُ الْحافِر، لأنَّه المتعدي بخلاف الواضع، قال الرافعي: وينبغي أن يقال: لا يجب الضمان على الحافر، ثم استشهد له بما لو حفر بئرًا عدوانًا، وَوَضَعَ السَّيل أو السَّبعَ أو أجَّرَ حَرْبِيٌّ حجرًا فعثر به إنسان وسقط في البئر فهو هدر على الصَّحيح، وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا وَآخَرَانِ حَجَرًا فَعُثِرَ بِهِمَا فَالضَّمان أثلَاث، أي وإن تفاوت فعلهم، كما لو مات بجراحة ثلاثة واختلفت الجراحات، وَقِيلَ: نِصْفَانِ، نظرًا إلى أن الهلاك حصل بالحجرين، وَلَوْ وَضَعَ حَجَرًا فعَثَرَ بِهِ رَجُل فَدَحْرَجَهُ فَعَثَرَ بِهِ آخَرُ ضَمِنَهُ المُدَحرِجُ، لأنَّ الحجر إنَّما حصل هناك بفعله، وَلَوْ عَثَرَ بِقَاعِدٍ أَوْ نَائم أوْ وَاقِفِ بِالطرِيْقِ وَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فلَا ضَمَان إنِ اتسَعَ الطَّرِيقُ، لأنَّه غير متعدٍّ، والعاثر كان يمكنه التحرز، وإلَّا، أي وإن ضاق الطَّريق فعثر به الماشي ومات، فَالمَذْهَبُ: إِهْدَارُ قَاعِدٍ وَنَائِمٍ؛ لأن الطَّريق للطروق وهما بالنوم والقعود مقصران، لَا عَاثر بِهِمَا، أي بل على عاقلتهما دية، وَضَمَان وَاقِفٍ، لأنَّ الشخص قد يحتاج إلى الوقوف لكلال أو انتظار رفيق أو سماع كلام فالوقوف من مرافق الطَّريق كالمشي، لَا عَاثِر بِهِ، لأنَّه لا حركة منه، فالهلاك حصل بحركة الماشي، والطريق الثَّاني: وجوب دية كل واحد منهما على عاقلة الآخر مطلقًا، هذا كله إذا لم يوجد من الواقف فعل، فإن وجد؛ بأن انحرف إلى الماشي لما قرب منه فأصابه في انحرافه