فصل: اصْطَدَمَا بِلَا قَصْدٍ، فَعَلَى عَاقِلَةٍ كُلِّ نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةِ، لأنَّ كُلِّ واحدٍ هَلَكَ بفعلهِ وفِعْلِ صاحبهِ، فيهدرُ النصفُ؛ ويجب النصفَ كما لو جرحه آخر مع جراحةِ نفسه، وَإِن قَصَدَا، أي الاصطدام، فَنِصْفُهَا مُغَلَّظَة، أي ويكون شبه عمد، لأنَّ الغالبَ أنَّ الاصطدامَ لا يُفضي إلى الموت، فلا يتحقق فيه العمد المحض، وكذلك لا يتعلق بالقصاص إذا مات أحدُهما دون الآخر، أَوْ أحَدُهُمَا، أي قَصَدَ أحدُهما الاصطدام دون الآخر، فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ، أي فيجب على قاصد الاصطدام نصفُ ديةٍ مغلظة، وعلى الذي لم يقصد نصفَ دية مخففة، وَالصَّحِيحُ: أنَّ عَلَى كُل كَفَّارتين، كفارة لقتل نفسه، وأخرى لقتل صاحبه، والخلاف مبنيّ على أن الكَفارَةَ هَلْ تَتَجزَّءُ؟ وأنَّ قَاتِلَ نَفْسِهِ هل عليه كفارة؟ وَإن مَاتَا مَعَ مَركُوبَيهِمَا فكَذَلِكَ، أي كما ذكرنا من حكم الدية والكفارة، وَفِي تَرِكَه كُل نِصفُ قِيمَةِ دَابَّةِ الآخَرِ، لاشتراكهما في إتلاف الدابتين، وَصَبيَّانِ أَوْ مَجْنونَانِ ككَامِلَينِ، أي فيما إذا كانا ماشيين أو راكبين كما قررناه، وَقِيلَ: إِن أرْكَبَهُمَا الوَليُّ تَعَلقَ بِهِ الضَّمان، لأنَّ في الاركاب خطرًا، والأصح الأول كما لو ركبا بأنفسهما إذ لا تقصير، قال الإمام: ولو أركبهما إلى حاجة مهمة فلا ضمان قطعًا، وَلَوْ أَركَبَهُمَا أَجنَبِي ضَمِنَهُمَا وَدَابَّتيهِمَا، لتعديه بأركابهما، أَوْ حَامِلَانِ، أي وإن اصطدم حاملان، وَأَسقَطتا فالدِّية كما سبَقَ، أي فيجب نصفها ويهدر نصفها؛ لأنَّ الهلاك منسوب إلى فعلهما، وَعَلَى كُلٍّ أَربعُ كَفَّارَاتِ عَلَى الصَّحيح، كفارة لنفسها؛ وكفارة لجنينها، وثالثةٌ لصاحبتها، ورابعة لجنينها؛ لأنهما اشتركا في إهلاك أربعة أشخاص، هذا إذا أوجبنا الكفارة على قاتل نفسه، وقلنا: الكفارة لا تتجزأ، فإن لم نوجبها على قاتل نفسه؛ وجب ثلاث كفارات، وإن قلنا بالتجزئة، وجب ثلاثة أنصاف كفارة، وهذا هو الوجه الثَّاني المقابل لكلام المصنف.
وَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصفُ غُرَّتَي جَنِينَيهِمَا، أي نصف غرة لجنينها، ونصف غرة لجنين الأخرى، لأنَّ المرأة إذا جَنَت على نفسها فألقت جنينها وجبت الغرة على