عاقلتها كما لو جنت على حامل أخرى؛ فإذن لا يهدر من الغرة شيءٌ. وأمَّا الدية فيجب نصفها، ويهدر نصفها كما ذكره قبل، أو عبدان فَهَدَرٌ، أي وإن اصطدم عبدان وماتا فهدر، لأنَّ ضمان جناية العبد تتعلق برقبته سواء أتفقت قيمتهما أو اختلفت، فإن مات أحدُهما وجبَ نصفُ قيمته متعلقًا برقبة الحي.
فَرعٌ: لو اصطدم عبدٌ وحرٌ وماتا، فنصف قيمة العبد في تركة الحر، ويتعلق بذلك النصف نصف دية الحُرِّ، لأنَّ محل تعلقه بالرقبة فإذا فاتت تعلق ببدلها.
أو سَفِينَتَانِ فَكَدَابَّتَينِ، أي وإن اصطدم سفينتان وغرقتا بما فيهما فهما كالدابتين، فإما أن يحصل الاصطدام بفعلهما وإما لا، والملَّاحان كرَاكِبينِ، أي يموتان بالاصطدام، وقد سلف كل ذلك، إِن كَانَتَا لَهُما، فَإن كَان فِيهِمَا مال أجنَبِيّ؛ لزِمَ كلًّا نِصفُ ضَمَانِهِ، وَإِن كَانَتَا لأجنبيّ، لَزمَ كُلَّا نصف قيمتهما، توزيعًا عليهما.
فَائِدَة: سُئل القفال؛ عن رجل ذهب ليقوم، فأخذ غيره بثوبه ليقعد، فتمزق؛ فأجاب: أنَّه لم يَجُرَّه فلا ضمان، وإن جرَّهُ فالنصف عليه والباقي هدر، لأنَّه كان بفعلين.
فَصْلٌ: وَلَوْ أَشرَفَتْ سفِيْنَةٌ على غرقٍ جَازَ طَرحُ مَتَاعِهَا، حفظًا للروح، وَيجِبُ لِرَجَاءِ نَجَاة الرَّاكِبِ، أي إذا خيف الهلاك إبقاءً للنفس، فَإن طَرَحَ مَالَ غيْرِهِ بِلَا إِذْن ضَمِنَهُ، لأنَّه أتلف مال غيره بلا إذن، فأشبه ما لو أكل المضطر طعام الغير، وإلا فَلَا، لوجود الإذن، واحترز بـ (مال الغير) عن ماله وهو واضح، وَلَو قالَ: أَلْقِ مَتَاعَكَ وَعَليَّ ضَمَانُهُ، أَوْ عَلَى أَنّي ضَامِن ضمِنَ، لأنَّه استدعى لإتلاف مال الغير لغرض صحيح فلزمه، كما لو استدعى عتق عبده على ألف؛ وليس هذا على حقيقة الضمان وإن سمي ضمانًا؛ ولكنه بدل مالٍ للتخليص عن الهلاك، فهو كما لو قال: أطلق هذا الأسير ولك علي كذا، فظاهر المذهب كما قال الماوردي: أنَّه يملك المستدعي المُسْتَلقَي قبل الإلقاء، وقيل: يجري عليه حكم الملك، وَلَو اقتصَرَ عَلَى ألقِ، أي لم يقل وعليَّ ضمانه أو على أني ضامن، فَلَا عَلَى المَذْهَب، أي بخلاف