قوله: اقضِ دَيني، فقضاه، فإنَّه يرجع على الأصح، لأنَّه بالقضاء يبرأ قطعًا، والإلقاء قد لا ينفعه، وهذا ما قطع به الأكثرون، والطريق الثَّاني: أنَّه على الخلاف فيما إذا قال: أدِّ دَيني، فأدَّاهُ! هل يرجع عليه؟
فَرعٌ: تعتبر قيمة الملقى قبل هيجان الأمواج؛ فإنَّه لا قيمة للمال في تلك الحال؛ قاله البغوي.
وَإنَّمَا يَضمَنُ مُلْتَمِسٌ لِخَوفِ غَرَقٍ، أي ففي غير الخوف لا ضمان، كما لو قال: اهْدِمْ دَارَكَ، ففعَلَ، وَلَم يَخْتَصَّ نَفعُ الإلْقاءِ بِالمُلقِي، يعني الملقي متاعَ نَفْسِهِ، فَإِنِ اختصَّ! فلا ضمان.
فَصْلٌ: وَلَوْ عَادَ حَجَرُ مَنْجَنِيقِ فَقتلَ أَحَدَ رُمَاتِهِ هُدِرَ قِسْطُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ البَاقِيْنَ البَاقِي، لأنّه مات بفعله وفعلهم فسقط ما قابل فعله وهو غير مضمون عليه، أَوْ غَيْرَهُمْ، أي أو قتل غير رماته، ولَم يَقْصدُوهُ فَخَطأٌ، أي يوجب الدية المخففة على العاقلة، أو قَصَدُوهُ فَعَمدٌ في الأصحِّ إِن غَلَبت الإصَابَةُ، لانطباقه على حد العمد، والثاني: شبه عمد، لأنَّه لا يتحقق قصدٌ معين بالمنجنيق.
فَصل: دِيَةُ الْخَطَأ وَشِبهِ العَمدِ تَلْزَمُ الْعاقِلَةَ، بالإجماع كما ادعاه الإمامُ، وقيل: إن شبه العمد لا يلزمها وليس بشيء، وخرج بالخطأ وشبه العمدِ العمدُ، وقد مضت السُنَّةُ بذلك كما قال الزُّهريّ، وَهُمْ عَصَبَتُهُ، أي قرابة وولاءً؛ قال الشَّافعي: لا مخالف أعرفه إن العاقلة العصبة وهم القرابة من قبل الأب، ووجهه في عصبات الولاءِ قوله - صلى الله عليه وسلم -: [الْوَلَاءُ لُحمَة كَلُحمَةِ النَّسَبِ](١٩٤) قال المصنف في نكته على
(١٩٤) • رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الولاء: باب من أعتق مملوكًا له: الحديث =