للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو أثبت له الاتصال والانفصال قاله المتولي، وَالْفِعْلُ الْمُكَفِّرُ مَا تَعَمَّدَهُ اسْتِهْزَاءً صَرِيحًا بِالدِّيْنِ أَوْ جُحُودًا لَهُ كَإِلْقَاءِ مُصْحَفٍ بِقَاذُورَةٍ وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ أَوْ شَمْسٍ، أي وكذا السِّحْرُ؛ الذي فيه عبادةُ الشَّمْسِ ونحوها؛ قال البندنيجي: وكذا اعتقاد حِلِّ السِّحْرِ.

ولَا تَصِحُّ رِدَّةُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ, لأنه لا تَكلِيْفَ عليهما ولا اعتداد بقولهما وفعلهما واعتقادهما، وَمُكْرَهٍ، أي إذا كان قلبهُ مطمئنٌّ بالإيمان كما نَطَقَ به التنزيل (٢١٨)، وَلَوِ ارْتَدَّ فَجُنَّ لَمْ يُقْتَلْ في جُنُونهِ, لأنه ربما عاد إلى الإِسلام لو عقل، وَالْمَذهَبُ: صِحَّةُ رِدَّةِ السَّكرَانِ، كما سبق في طلاقه، وأصح الطريقين حكايته قولين: المنع؛ ومقابله. والثاني: القطع بالصحة، وَإِسْلَامِهِ، أي إذا عاد إليه في حال سُكره معاملة لأقواله معاملة الصاحي.

وَتُقْبَلُ الشَّهَادَةُ بِالرِّدَّةِ مُطْلَقًا، إذ الظاهر من العدل أنَّه لا يقدم إلّا عن بصيرة، وَقِيلَ: يَجِبُ التَّفْصِيْلُ، لاختلاف المذاهب في التكفير؛ وَالْحُكْمُ بِالرِّدُّةِ عَظِيْمُ الْوَقْعِ؛ فيحتاطُ له. وهو قوي جدًا، وعليه خَلْقٌ منهم القفال والماوردي والغزالي؛ والأول: هو ما قال الإمام: أنَّه الظاهر فتبعه الرافعي، وقد أوجبوا بيان السبب في الإخبار بتنجيس الماء وكذا في الجرح، فَعَلَى الأوَّلِ، أي وهو الاكتفاء بالإطلاق فيما، لَوْ شَهِدُوا بِرِدَّةِ فَأَنْكَرَ، أي بأن قال: كَذَبَا وما ارْتَدَدْتُ، حُكِمَ بِالشَّهَادَةِ، أي ولا يُغنِيْهِ التكذيبُ، بل يلزمهُ أن يأتي بما يصر به الكافر مُسْلِمًا، وكذا الحكم لو شرطنا التفصيل فَفَصَّلا وكذَّبهما المشهود عليه، فَلَوْ قَالَ: كُنْتُ مُكْرَهًا، أي فيما فعلت، وَاقْتَضَتهُ قَرِينَةٌ كَأَسْرِ كُفَّارٍ صُدِّقَ بيَمِيْنِهِ، عملًا بالقرائن الشاهدة لذلك؛ وإنما حُلِّفَ لاحتمال أنَّه كان مختارًا، وَإِلَّا فَلَا، لانتفاء القرائن والحالة هذه، وَلَوْ قَالَا:


(٢١٨) قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ. مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا} [النحل / ١٠٥ - ١٠٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>