للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَفَظَ لَفْظَ كُفْرِ؛ فَادْعَى إكْرَاهًا صُدِّقَ مُطْلَقًا, لأن ليس فيه تكذيب الشاهد، وَلَوْ مَاتَ مَعْرُوفٌ بِالإِسْلَامِ عَنِ ابْنَيْنِ مُسْلِمَينِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا: ارْتَدَّ فَمَاتَ كَافِرًا، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبَ كُفْرِهِ، أي بأن قال: سَجَدَ لِصَنَمٍ أو تكلمَ بكلامِ كُفْرِ، لَمْ يَرِثْهُ، وَنَصِيْبُهُ فَيْءٌ, لأن المسلمَ لا يرثُ الكافرَ كما تقدم في بابه، وَكَذَا إِن أَطْلَقَ في الأَظْهَرِ، أي فإن بيّن سبب كفره كان فيئًا وإن ذكر ما ليس بكفر صرف إليه، والثاني: يصرف إليه نصيبه، ولا أثر لإقراره, لأنه قد يتوهم ما ليس بكفر كفرًا، والثالث: يجعل فيئًا لإقراره بكفره.

فَصْلٌ: وَتَجِبُ اسْتِتَابَةُ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدَّةِ, لأنهما كانا محترمين بالإسلام؛ فربما عرضت لهما شبهة فنسعى في إزالتها وردهما إلى ما كانا، وَفِي قَوْلٍ: تُسْتَحَب كَالْكَافِرِ، الأصلي، وَهيَ في الْحَالِ، أي فَإنْ تَابَ فَذَاكَ وَإِلَّا قُتِلَ؛ لأَنَّ امْرَأةً يُقَالُ لَهَا أمُّ رُومَانَ ارْتَدَّتْ فَأَمَرَ - صلى الله عليه وسلم -: [بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهَا الإِسْلَامُ فَإِنْ تَابَتْ وَإِلَّا قُتِلَتْ] رواه الدارقطني بإسناد ضعيفٌ (٢١٩)، وَفِي قَوْلٍ: ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، لأثر عمر في ذلك رواه الشَّافعيّ (٢٢٠)، فَإِنْ أَصَرَّا قُتِلَا، للحديث الصحيح السالف: [مَنْ بَدَّلَ دِيْنَهُ فَاقْتُلُوهُ] (٢٢١) قال الخفّاف في خصاله: والقتل ثلاثة أقسام واجب؛ ومحظور؛ ومباح. فالأول: كالمرتد ونحوه، والثاني: قَتْلُ مَن لمن يجز قتله، والثالث: الأسير، الإمام يتخير


(٢١٩) رواه الدارقطني في السنن: كتاب الحدود والديات: الحديث (١٢٢): ج ٣ ص ١١٨ - ١١٩، وفيه معمر بن بكار، وفي حديثه وهم. وفي النسخة المطبوعة من سنن الدارقطني اسم المرأة (أم مروان) والصحيح أن اسمها أم رومان.
(٢٢٠) أثَرُ عُمَرَ - رضي الله عنه -؛ قَدِمَ عَليْهِ رَجُلٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيِ مُوسَى؛ فَسَأَلهُ عَنِ النَّاسِ؛ فَأَخْبَرَهُ، ثُمَّ قالَ: (هَلْ كَانَ فِيْكُمْ مِنْ مُغَرِّبَةِ خَبَرٍ؟ ) فَقَالَ: نعَمْ! رَجُلٌ كَفَرَ بَعْد إِسْلَامِهِ، قالَ: (فَمَا فَعَلتُمْ بِهِ؟ ) قَالَ: قَرَّبْنَاهُ فَضَرَبْنَا عُنُقَهُ. قالَ عُمَر - رضي الله عنه -: (فَهَلَّا حَبَسْتُمُوهُ ثَلَاثًا؛ وَأطْعَمْتُمُوهُ كُلَّ يَوْمٍ رَغِيْفًا، وَاسْتَتبْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتوبُ أوْ يُرَاجِعَ أمْرَ الله؛ اللهمَّ إِنِّي لَمْ أَحْضُرْ وَلَمْ آمُرْ؛ وَلَمْ أَرْضَ إِذْ بَلَغَنِي). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب المرتد: باب من قال يحبس ثلاثة أيام: الأثر (١٧٣٦١).
(٢٢١) تقدم في الرقم (٢١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>