للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحدَها لم يؤمن عليها من التهتك، والثاني: تُغَرَّبُ وحدَها، لأنه سفر واجب، فأشبه الهجرة؛ فإنها إذا كانت تخاف الفتنة؛ فإن عليها أن تسافر وحدَّها كذا أطلق الخلاف مطلقون، وخصه الإمام والغزالي. بما إذا كان الطريق آمنًا وفي النسوة الثقاة عند أمن الطريق وجهان، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ، لأنها من الأهبة، وهي في مالها لا في بيت المال على الأصح، فَإِنِ امْتَنَعَ، أي من الخروج، بِأُجْرَةٍ لَمْ يُجْبَرُ في الأَصَحِّ، كما في الحجِّ، والثاني: تجبر للحاجة إلى إقامة الواجب.

وَالْعَبْدِ خَمْسُونَ، لأنه ناقص بالرق فليكن على النصف من الحر كالنِّكَاح والعدة، وَيُغَرَّبُ نِصْفَ سَنَةٍ، لأنه حد يتبعض فأشبه الجَلد، وَفِي قَوْلٍ: سَنَةٌ، كمدة الإيلاء، وَفِي قَوْلٍ: لَا يُغَرَّبُ، لأن في ذلك تفويتًا لحق السيد.

فَصْلٌ: وَيَثْبُتُ، أي حدُّ الزنا، ببَيِّنَةٍ، لقوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (٢٣٨)، أَوْ إقرَارٍ مَرَّةً، لأنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ عَلَّقَ الرَّجْمَ بِمُطْلَقِ الاعْتِرَافِ؛ حَيْثُ قالَ: [أُغْدُ يَا أُنَيْسٍ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا] (٢٣٩) وترديده - صلى الله عليه وسلم - ماعزًا إنَّمَا كَانَ لأنهُ رُبَّمَا ارْتَابَ في أَمْرِهِ، فَاسْتَثْبَتَهُ (•) ليعرف أَبِهِ جُنُونٌ أَوْ شُرْبُ خَمْرٍ أمْ لَا؟

فَرْعٌ: يشترط في الإقرار بالزنا التفسير كالشهادة كما صححه في الروضة في كتاب السرقة، وقال هنا: إنه الأقوى.

وَلَوْ أَقَرَّ ثُمَّ رَجَعَ سَقَطَ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قالَ في قِصَّةِ مَاعِزٍ [لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ أَوْ غَمَزْتَ أَوْ نَظَرْتَ] رواه البخاري (٢٤٠) واحترز بـ (الإقرار) عن البيِّنة؛ فإنه


(٢٣٨) النساء / ١٥.
(٢٣٩) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحدود: باب الاعتراف بالزنا: الحديث (٦٨٢٧ و ٦٨٢٨).
(•) في النسخة (٢): فَاسْتَبْيَنَهُ.
(٢٤٠) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحدود: باب هل يقول الإمام للمقر: لعلك؟ الحديث (٦٨٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>