للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَصْرٍ، لأن ما دونها في حكم الْحَضَرِ وتتواصل إليه الأخبار فيها، والمقصود إيحاشهُ بالبعد عن أهله ووطنه، فَمَا فَوْقَهَا، أي فما فوق مسافة القصر، وذلك إذا رأى الإمام التغريب إليه، لأن الصِّدِّيْقَ - رضي الله عنه - غَرَّبَ إلَى فدكٍ (٢٣٤)، وعُمر إلى الشَّام (٢٣٥)، وعثمان إلى مصر (٢٣٦)، وعلِيًّا إلى البصرة (٢٣٧)، وظاهر كلام الحاوي الصغير المنع من التغريب على زيادة مرحلتين.

وَإِذَا عَيَّنَ الإِمَامُ جِهَةً فَلَيْسَ لَهُ طَلَبُ غَيْرِهَا فِي الأَصَحِّ، لأنه أليق بالزجر والتعنيف، والثاني: له ذلك؛ لحصول مسمَّى التغريب، وَيُغَرَّبُ غَرِيْبٌ مِن بَلَدِ الزِّنَا إِلَى غَيْرِ بَلَدِهِ، تنكيلًا وإِبعادًا عن موضع الفاحشة، ولا يغرب إلى بلدِه، ولا إلى بلدِ بينه وبين بلده مسافة القصر، فَإِنْ عَادَ إِلَى بَلَدِهِ مُنِعَ في الأَصَحِّ، لأنه لا يحصل له الإيحاش، والثاني: لا يتعرض له، وهو ما في الوجيز فقط، ثم هذا المذكور في غريب له وطن، فإن لم يكن؟ بأن هاجر حربي إلى دار الإسلام؛ ولم يتوطن بلدًا، قال المتولي: يتوقف الإِمام حتَّى يتوطن بلدًا ثم يُغَرِّبُهُ.

وَلَا تُغَرَّبُ امْرَأَةٌ وَحْدَهَا في الأصَحِّ، بَل مَعَ زَوْجٍ أَوْ مَحْرَمٍ، لأنها إذا غُرِّبَتْ


(٢٣٤) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الحدود: باب ما جاء في نفي البكر: الأثر (١٧٤٤٧) و (١٧٤٤٨).
(٢٣٥) قال البيهقي: (وكان عمر - رضي الله عنه - ينفي من المدينة إلى البصرة والى خيبر). ينظر: السنن الكبرى: كتاب الحدود: الحديث (١٧٤٤٦)، وقال: رواه البخاري في الصحيح.
(٢٣٦) قال الماوردي: (فقد غرب عمر - رضي الله عنه - إلى الشام، وغرب عثمان - رضي الله عنه - إلى مصر). ينظر: الحاوي الكبير شرح مختصر المزني: كتاب الحدود: باب حد الزنى والشهادة عليه: ج ١٣ ص ٢٠٤.
(٢٣٧) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الحدود: الأثر (١٧٤٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>