للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جهل تحريم الزنا لقرب عهده بالاسلام، أو بُعْده عن أهل العلم لرفع القلم عنه. وَحَدُّ المُحْصَنِ الرَّجْمُ، أي ولا جلد معه خلافًا لابن المنذر، وَهُوَ، يعني المحصن، مُكَلَّفٌ، أي فالصبي والمجنون ليسا محصنين، حُرُّ، أي فالرقيق ليس بمحصن؛ لأنها صفة كمال وهو ناقصٌ، وَلَوْ ذِمِّيٌّ، لأنه - عليه السلام -[رَجَمَ يَهُودِيَّيْنِ زَنَيَا وَكَانَا قَدْ أَحْصَنَا] كما أخرجه أبو داود من حديث الزهري (٢٣١)، غَيَّبَ حَشَفَتَهُ بِقُبُلٍ في نِكَاحٍ صَحِيْحٍ، أي فالواطئ في دبر أو في ملك يمين أو في نكاح فاسد ليس بِمُحْصَنٍ، لَا فَاسِدٍ في الأَظْهَرِ، لأنه حرامٌ فلا تحصل به صفة كمال، والثاني: أنَّه يفيد الإحصان، لأن الفاسد كالصحيح في العدة والنسب فكذا في الإحصان، وَالأَصَحُّ: اشْتِرَاطُ التَّغْيِيْبِ حَالَ حُرُيَّتِهِ وَتَكْلِيْفِهِ، أي فلا يجب الرجم على من وطئ في نكاح صحيح وهو صبي أو مجنون أو رقيق، واحتج له بأن شرط الإصابة أن تحصل بأكمل الجهات، وهو النِّكَاح الصحيح، فيشترط حصولها من كامل، والثاني: لا يشترط ذلك، فإنه وطء يحصل به التحليل فكذا الإحصان، وَأَنَّ الْكَامِلَ الزَّانِي بِنَاقِصٍ مُحْصَنٌ، لأنه حر مكلف وطئ في نكاح صحيح فأشبه ما إذا كانا كاملين، فإذا وجدت الإصابة والرجل في حال الكمال دون المرأة أو بالعكس كان الكامل محصنًا، وبهذا عبَّر الرافعي في المحرر وهو مقصود المصنف، أي وأن الزاني الكامل المصيب لناقصة محصن، والثاني: لا، لأنه وطء لا يصير فيه أحد الواطئين محصنًا به، وكذلك الآخر كما لو وطء بالشبهة، وَالْبِكْرُ الحُرُّ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيْبُ عَامٍ، أي ما سبق في المحصن، أما غيره وهو المعبَّر عنه بالبكر؛ فإن كان حُرًّا جُلِدَ مائة جلدة للآية (٢٣٢)؛ وغُرِّبَ عامًا لحديث عبادة في صحيح مسلم (٢٣٣)، إِلَى مَسَافَةِ


(٢٣١) رواه أبو داود في السنن: كتاب الحدود: باب في رجم اليهوديين: الحديث (٤٤٥٠ و ٤٤٥١).
(٢٣٢) قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ في دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: ٢].
(٢٣٣) عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: [خُذُواْ عَنِّي؛ خُذُواْ عَنِّي؛ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيْلًا؛ الْبِكرُ بِالْبِكْرِ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ].
رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحدود: باب حد الزنى: الحديث (١٢/ ١٦٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>