للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحناطي في فتاويه ومنها نقلتُ: قد قيل لا يقطع، لأن الموضع لا يكون حرزًا في حقه؛ أي في حق الواضع وإن كان في نفسه حرزًا لمن أطلق له إحراز المتاع به، وقيل: يقطع؛ لأن الحرز يرجع إلى صون المتاع وهو موجود هنا. قال: وهو أشبه عندي بالحق.

وَلاَ يُقْطَعُ مُخْتَلِسٌ، أي وهو من يأخذ معتمدًا على الهرب عيانًا، وَمُنْتَهِبٌ, أي وهو من يأخذ عيانًا معتمدًا على قوّتِه, وَجَاحِدُ وَديْعَةٍ، لقوله عَلَيْهِ الصَّلاةُ وَالسَّلاَمُ [لَيْسَ عَلَى الْمُخْتَلِسِ وَالْمُنْتَهِبِ واَلْخائِنِ قَطْعٌ] صححه الترمذي (٢٥٣).

وَلَوْ نَقَبَ وَعَادَ في لَيْلَةٍ أُخْرَى فَسَرَقَ قُطِعَ فِي الأَصَحَّ, كما لو نقب في أول الليل وأخرج المال في آخره، والثاني: لا, لأنه عاد بعد انهتاك الحرز فصار كما لو جاء غيره وأخذ المال، قُلْتُ: هَذَا إِذَا يَعْلَمِ الْمَالِكُ النَّقْبَ , وَلمْ يَظْهَرْ للِطَّارِقِيْنَ, وَإِلاَّ، أى وإن عَلِمَ لمالك أو ظهر للطارقين، فَلاَ يُقْطعُ قَطْعًا، وَاللهُ أَعْلَمُ, لانهتاك الحرز، وَلوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، أي وليس هناك أحد، فَلاَ قَطْعَ، أي على واحد منهما، لأن الناقب لم يسرق، والآخذ أخذ من غير حرز، أما لو كان صاحبها فيها وهو يلاحظها قطع الأخذ، لأنها محرزة، وإن كان نائمًا؛ فلا في الأصح كمن نام والباب مفتوح.

وَلَوْ تَعَاوَنَا فِي النَّقْبِ وَانْفرَدَ أَحَدُهُمَا بِالإِخْرَاجِ أَوْ وَضَعَهُ نَاقِبٌ بِقُرْبِ النَّقْبِ فَأَخْرَجَهُ آخُرُ, أي مع معاونته له في النقب، قُطِعَ الْمُخْرِجُ، لأنه السارق، وَلَوْ وَضَعَهُ بِوَسطِ نَقْبِهِ فأخَذَهُ خَارِجٌ وَهُوَ يُسَاوِي نِصَابَيْنِ لَمْ يُقْطعَا فِي الأَظْهَرِ، لأن كلًا منهما لم يخرجه من كمال الحرز، والثاني: يقطعان لاشتراكهما في الهتك والإخراج.


(٢٥٣) رواه أبو داود في السنن: كتاب الحدود: باب القطع في الخلسة والخيانة: الحديث (٤٣٩١ و ٤٣٩٢). والترمذي في الجامع: كتاب الحدود: ما جاء في الخائن والمختلس: الحديث (١٤٤٨)، وقال: حديث حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>