للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإفطار، والثالث: يُحَدُّ في الثاني دون الأول، وَمَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ أَسَاغَهَا، أي وجوبًا، بِخَمْرٍ إِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، إنقاذًا للنفس من الهلاك؛ والسلامة بذلك قطعية؛ بخلاف التداوي وشربها للعطش، وقوله (غَصَّ) هو بفتح الغين كما ضبطِّهِ بخطه في الأصل، وقال في تهذيبه: إنه الأجوَد، وَالأصَحُّ: تَحْرِيْمُهَا لِدَوَاءٍ وَعَطَشٍ، لعموم النَّهْيِّ؛ ولأنها داء وليست دواء كما أخرجه مسلم (٢٧٦)؛ ولأن بعضها يدعو إلى بعض؛ وهذا هو المنصوص أيضًا، والثاني: لا، كما يجوز التداوي بالنجاسات، والثالث: يجوز للتداوي دون العطش، والرابع: عَكْسُهُ، والخامس: يجوز للتداوي ويجوز للعطش، إلاّ أن تكون عتيقةً؛ والاضطرار لشربها لدفع الجوع كَهُوَ لدفع العطش؛ ثم الخلاف في التداوي مخصوص بالقليل الذي لا يسكر، ويشترط خبر طبيبٍ مُسلِمٍ أو معرفة المتداوي إن عرف؛ وأن لا يجد ما يقوم مقامه، وإنما يحرم التداوى بصرفها، فأما التِّرْيَاقُ المعجونُ بها فإنه جائز قطعًا.

فَرْعٌ: الْمُخْتَارُ أنه لا حدَّ على المتداوي؛ وإنما حكمنا بالتحريم لشبهة الخلاف، وأما شربُها للعطش فإنْ جَوَّزْنَاهُ؟ فلا حدَّ؛ وإلَّا فكالتداوي.

فَصْلٌ: وَحَدُّ الْحُرِّ أَرْبَعُونَ، للاتباع (٢٧٧)، وَرَقِيْقٍ عِشْرُونَ، لأنه حَدٌّ يُبَعَّضُ، فبنصفٍ على العبد كحد الزنا؛ وهل المبعض كالرقيق أو كالحر؟ فيه نظر! بِسَوْطٍ؛ أَوْ يَدٍ؛ أو نِعَالٍ؛ أَو أَطْرَافِ ثِيَابٍ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [كَانَ يَضْرِبُ


(٢٧٦) عَن وَائِلِ الْحَضْرَمِيِّ؛ أنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجَعفِيِّ سَألَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الْخَمْرِ، فَنَهَاهُ أوْ كَرِهَ أنْ يَصْنَعَهَا! فَقَالَ: إِنَّمَا أصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ؟ فَقَالَ: [إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ، وَلَكِنهُ دَاءٌ]. رواه مسلم في الصحيح: كتاب الأشربة: باب تحريم التداوى بالخمر: الحديث (١٢/ ١٩٨٤).
(٢٧٧) عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -؛ [أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الخَمْرَ؛ فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِيْنَ] قَالَ: (وَفَعَلَهُ أبو بَكَرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحمَنِ: أخَفُّ الحُدودِ ثَمَانِيْنَ، فَأمَرَ بهِ عُمَرُ). رواه مسلم في الصحيح: كتاب الحدود: باب حد الخمر: الحديث (٣٥/ ١٧٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>