للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأَصَحِّ، لأن الحد مقدَّر لا نظرَ للإمام فيه، وإذا أسقطه لم يعدل إلى غيره، والتعزير يتعلق أصله بنظره، فلم يؤثر فيه إسقاط غيره، والثاني: له ذلك قطعًا، لأن فيه حقًا لله تعالى، ويحتاج إلى زجره وزجر غيره عن مثل ذلك، والثالث: لا مطلقًا، لأن مستحقه أسقطه (٢٩٣).

خَاتِمَةٌ: صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التعزير بمثل فعل المعتدي به إذا لم يكن محرمًا، وهو قولُ عائشةَ: لَدَدْنَا رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فِي مَرَضِهِ فَأشَارَ أَنْ لاَ تَلُدُّونِي! فَقُلْنَا كَرَاهَةَ الْمَرَضِ؛ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: [لاَ يَبْقَى أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلاَّ لُدَّ غَيْرُ الْعَبَّاسِ فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ] وهذا لم يذكره أصحابنا إلاّ أن المصنف أعني النووي في شرحه لمسلم فسَّر به الحديث (٢٩٤)، وَاللُّدُودُ مَا صُبَّ تَحْتَ اللِّسَانِ، وَقِيْلَ: مَا صُبَّ في جَانِبِ الْفَمِ، ذكره القاضي عيّاض في تنبيهاته.


= رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [تَعَافَوُا الْحُدُدَ فِيْمَا بَيْنَكُمْ، فَمَا بَلَغَنِي مِنْ حَدٍّ فَقَدْ وَجَبَ]. رواه أبو داود في السنن: كتاب الحدود: باب العفو عن الحدود ما لم تبلغ السلطان: الحديث (٤٣٧٦)، وإسناده صحيح.
(٢٩٣) إن للإمام أن يعزر إذا تعلق الحق به بوصفه سلطانًا، أما إذا كان لغيره ولم يرفع إليه فهو كما سبق. والله أعلم.
(٢٩٤) • رواه البخاري في الصحيح: كتاب المغازي: باب مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - ووفاته: الحديث (٤٤٥٨). ومسلم في الصحيح: كتاب السلام: باب كراهة التداوي باللدود: الحديث (٨٥/ ٢٢١٣).
• في المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي: ج ١٤ ص ٤٤٩ - ٤٥٠؛ قال النووي: (وَإِنَّمَا أَمَرَ - صلى الله عليه وسلم - بلَدِّهِمْ عُقُوبَةً لَهُمْ حِيْنَ خَالَفُوهُ في إِشَارَتِهِ إِلَيْهِمْ لاَ تَلُدُّونِي. فِفِيْهِ أَنَّ الإِشَارَةَ الْمُفْهِمَةَ تَصْرِيْحُ الْعِبَارَةِ في نحْوِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَفِيْهِ تَعْزِيْرُ الْمُتَعَدِّي بِنَحْوٍ مِنْ فِعِلِهِ اَلَّذِي تَعَدَّى بِهِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا مُحَرَّمًا). إنتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>