للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على الصحيح كما سلف قريبًا، بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أوْ صَفْعٍ أوْ تَوْبِيْخٍ، قال الماوردي: وكذا إعراض، وَيَجْتَهِدُ الإِمَامُ في جنْسِهِ وَقَدْرِهِ، لأنه غير مُقَدَّرٍ فَوُكِّلَ إلى رأيه، وَقِيْلَ: إِن تَعَلَّقَ بِآدَمِيٍّ لَمْ يَكْفِ تَوْبِيْخٌ، لتأكد حق الآدمي، والأصح: الاكتفاء كما في حق الله تعالى، فَإِنْ جُلِدَ وَجَبَ أَن يَنْقُصَ في عَبْدٍ عَنْ عِشْرِيْنَ جَلْدَةً، وَحُرٍّ عَنْ أَرْبَعِيْنَ، لأن جنايته دون جناية الحُرِّ، وَقِيْلَ: عِشْرِيْنَ، لأن العشرين حد العبد، فهو داخل في المنع فى قوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: [مَنْ بَلَغَ حَدًا في غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِيْنَ] رواه البيهقي وقال: المحفوظ إرساله (٢٩٠)، وفي وجه ثالث: لا يزاد في تعزيرهما على عشرة؛ للحديث الصحيح فيه؛ لكن أجيب بنسخه وتأويله (٢٩١).

وَيَسْتَوِي فِي هَذَا جَمِيْعُ الْمَعَاصِي في الأَصَحِّ، أى ويلحق ما هو من مقدمات موجبات الحدود بما ليس من مقدماتها، والثاني: لا، بل نقيس كل معصية بما يناسبها مما يوجب الحد، فلا يبلغَ بتعزيرِ مقدِّمَاتِ الزِّنَا حَدَّ الزنا، وله أن يزيد على حدِّ القذفِ؛ ولا يبلغ بتعزير السَّبِّ حَدَّ القذفِ، وله أن يزيدَ على حدِّ الشُّرْبِ، وقرب هذا من قولنا إن حكومة الجناية الواردة على عضو معتبر بأرش ذلك العضو.

وَلَوْ عَفَى مُسْتَحِقُّ حَدٍّ فَلاَ تَعْزِيْرَ لِلإِمَامِ في الأَصَحِّ (٢٩٢)، أوْ تَعْزِيْرٍ فَلَهُ فِي


(٢٩٠) رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب الأشربة والحد فيها: جماع أبواب صفة السوط: باب ما جاء في التعزير: الحديث (١٨٠٧٥) عن النعمان بن بشير. قال: والمحفوظ هذا الحديث مرسلٌ.
(٢٩١) عَنْ أَبِي بُرْدَةَ الأَنْصَارِيِّ أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: [لاَ يُجْلَدُ أَحَدٌ فَوْقَ عَشْرَةِ أَسْوَاطٍ، إِلاَّ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الحدود: باب كم التعزير والأدب؟ الحديث (٦٨٤٨). ومسلم في الصحيح: كتاب الحدود: باب قدر أسواط التعزير: الحديث (٤٠/ ١٧٠٨). في فتح الباري شرح صحيح البخاري: قال ابن حجر بعد أن ذكر أقوال في شرح الحديث: (وَمِنْهَا أَنَّهُ مَنْسُوخٌ دَلَّ عَلَى نَسْخِهِ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ). إنتهى.
(٢٩٢) أي قبل أن يرفع إلى الإمام، لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة / ٣٤]. ولحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه -؛ أَنَّ =

<<  <  ج: ص:  >  >>