للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَعَبْدٍ، لاستغراقه في خدمة سيده، ولو أذن له أيضًا كما صرح به الإمام وقال: إنه الوجه، وَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ، لقوله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ ... } إلَى قوله: {وَهُمْ أَغْنِيَاءُ} (٣١٧).

وَكُلُّ عُذْرٍ مَنَعَ وُجُوبَ حَجِّ مَنَعَ الْجِهَادَ إِلَّا خَوْفَ طَرِيْقِ مِنْ كُفَّارٍ، لأن الغزو مبني على مصادفة المخاوف، وَكَذَا مِنْ لُصُوصِ الْمُسْلِمِيْنَ عَلَى الصَّحِيْحِ، لأن الخوف محتمل في هذا السفر، وقتال الْمُتَلَصِّصِيْنَ أهَمَّ وَأَوْلَى، والثاني: إنه يمنع الوجوب كما في الحج.

وَالدَّيْنُ الْحَالُّ يُحَرِّمُ سَفَرَ جِهَادٍ وَغَيْرِهِ، لأن مقصود الجهاد طلب الشهادة ببذل النفس للقتل فيؤدي إلى إسقاط حق ثابت، إِلَّا بِإِذْنِ غَرِيْمِهِ، لإسقاطه حقه، نَعَمْ؛ لو كان معسرًا فليس له منعه على الصحيح، ونقل في الكفاية مقابله عن الأصحاب وهو ظاهر إطلاق المصنف، ولو استناب موسر من يقضي له من مال حاضر فله الخروج أو غائب فلا، والْمُؤَجَّلُ لاَ، لأنه الآن مخاطب بفرض الكفاية، والدَّين المؤجَّل لا يتوجه الخطاب به إلَّا بعد حلوله، وَقِيْلَ: يَمْنَعُ سَفَرًا مُخَوِّفًا، أي كجهاد وركوب بحر وبادية مُخْطِرَةٍ صيانة لحق المستحق، اللَّهُمَّ إلَّا أن يقيم كفيلًا بالدين، أما السفر الذي لا يغلب فيه الخطر فلا منع منه قطعًا.

وَيَحْرُمُ جِهَادٌ إِلَّا بِإِذْنِ أَبَوَيْهِ إِنْ كَانَا مُسْلِمَيْنِ، لأنه فرض كفاية وبِرَّهما فرض عين، وللحديث الصحيح فيه، فإن كانا كافرين لم يلزمه استئذانهما لأنهما يمنعانه، والأجداد والجدات كالأبوين عند عدمهما، وكذا مع وجودهما على الأصح لوجوب


(٣١٧) التوبة / ٩١ - ٩٣: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١) وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ (٩٢) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>