بِرِّهما، والأب الرقيق كالحر على الصحيح. لاَ سَفَرَ تَعَلُّمِ فَرْضِ عَيْنٍ، كسفر حج وأَولى؛ لأن الحج على التراخي، وَكَذَا كِفَايَةٍ، أى بأن خرج طالبًا لدرجة الفتوى، وفي الناحية من يستقل بها، فِي الأَصَحِّ، لأن الحجر على المكلف وحبسه بعيد، والثاني: لا بد من الاذن، كما في سفر الغزو لتعين البِر عليه، فَإنْ أَذِنَ أَبَوَاهُ وَالْغَرِيْمُ ثُمَّ رَجَعُواْ وَجَبَ الرُّجُوعُ إِنْ لَمْ يَحْضُرِ الصَّفَّ, أى ولم يكن خرج بجعلٍ من السلطان؛ لأنه عذر منع الوجوب، وكذا طريانه كالعمى والمرض (٣١٨)، أما إذا خرج بجعل منه فلا يرجع؛ قاله الماوردي، ولو خاف على نفسه أو ماله أو خاف انكسار قلوب المسلمين لا يلزمه الانصراف، فَإِنْ شَرَعَ فِي قِتَالٍ حَرُمَ الاِنْصِرَافُ فِي الأظْهَرِ، لأن حق الجهاد سابق، والثاني: لا يحرم؛ رعاية لحق الآدمي الذي بِنَاؤُهُ على الضيق، ولا يجوز على الأول أن يقف موقف طلب الشهادة بل يقف في أواخر الصفوف ويحرس قاله القاضي أبو الطيب، وفي الحاوي: أن محل الخلاف في المتطوع، أما إن خرج بجُعلٍ فإن كان مقامه أصلح لم يرجع، وإن كان رجوعه أصلح لتشاغل المجاهدين به فيرجع.
الثَّانِي: يَدْخُلُون بَلْدَةً لَنَا فَيَلْزَمُ أَهْلَهَا الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ؛ فَإِنْ أَمْكَنَ تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجَبَ الْمُمْكِنُ حَتَّى عَلَى فَقِيْرٍ، أي بما يقدر عليه، وَوَلَدٍ؛ وَمَدِيْنٍ؛ وَعَبْدٍ بِلَا إِذْنٍ، أي وينحلُّ الْحَجْرُ عنهم في هذه الحالة، لأن في دخولهم دار الإسلام خَطْبٌ عظيم لا سبيل إلى إهماله، فلا بد من الجد في دفعه بما يمكن، وَقِيْلَ: إِنْ حَصَلَتْ مُقَاوَمَةٌ بِأَحْرَارٍ اشْتُرِطَ إِذْنُ سَيِّدِهِ، لأن في الأحرار غِنْيَةً عَنْهُمْ، والأصح الأولُ لِتَقْوَى القلوبُ وتعظُمَ الشوكةُ وتشتَدَّ النكايةُ في الكفار إشفاقًا من هجومهم، وَالنِّسْوَةُ إن لم يكن فيهن قوة دفاع لا يحضُرن، وإن كان! فعلى ما ذكرناه في العبد، ويجوز أن لا تحوج الزوجة إلى أذن الزوج كما لا يحوج العبد إلى إذن السيد، وَإِلَّا، أي وإن لم
(٣١٨) أراد ما يطرأ من آفة أو عذر مانع لأداء الفرض، كالعمى مع فقدان العين أو فقدان خاصة الرؤيا والبصر، أو مرض مقعد له عن تكاليف مطلوب الفعل ومقصده فيه.