للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَتَبْيِيْتُهُمْ في غَفْلَةٍ، للاتباع، فَإِنْ كَان فِيْهِمْ مُسْلِمٌ أَسِيْرٌ أَوْ تَاجِرٌ جَازَ ذَلِكَ، أى ما ذكرناه من النار والمنجنيق وما في معناهما، عَلَى الْمَذْهَبِ، لئلا يتعطل الجهاد بحبس مسلم فيهم، وَاعْلَمْ: أن مجموع ما في هذه المسألة ثلاث طرق؛ أصحها في أصلِ الروضة: إن لم تكن ضرورة كُرْهٍ تحرُّزًا من إهلاك المسلم، وفي تحريمه قولان: أَظْهَرُهُمَا: لا، لما أسلفناه، وثانيهما: نعم، لأنه قَدْ يُصِيْبَ الْمُسْلِمَ [وَزَوَالُ الدُّنْيَا أَهْوَنَ عِنْدَ اللهِ مِنْ قَتْلِ مسُلِمٍ] كما ورد في الخبر في النسائي وغيره (٣٣٢)، وإن كانت ضرورة لخوف ضررهم أو لم يحصل فتح القلعة إلَّا به جاز قطعًا، والثانية: لا، اعتبارًا بالضرورة، بَلْ إِنْ عُلِمَ أَنَّ مَا يَرْمِي بِهِ يُهْلِكُ الْمسْلِمَ لَمْ يَجُزْ؛ وإلَّا فقولان، والثالثة: إن كان عدد المسلمين الذي فيهم مثل المشركين لم يجُز رميهم، وإن كان أقلَّ جاز؛ لأنَّ الغالب أنَّهُ لا يصيب المسلمين.

وَلَوِ الْتَحَمَ حَرْبٌ فَتَتَرَّسُواْ بِنِسَاءٍ وَصِبْيَانٍ، أي بينهم، جَازَ رَمْيُهُمْ، كيلا يُتخذ ذلك ذريعة إلى منع الجهاد، وَإِنْ دَفَعُواْ بِهِمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إِلَى رَمْيِهِمْ فَالأظْهَرُ تَرْكُهُمْ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ [نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصَّبْيَانِ] (٣٣٣) ونحن في غنية عنهم، والحالة هذه بخلاف الأولى، والثاني: يجوز رميهم كما يجوز نصب المنجنيق على القلعة وإن كان يصيبهم.

فَرْعٌ: لو تَتَرسُواْ بهم في القلعة فالراجح في الروضة الجواز.

وَإِنْ تَتَرَّسُواْ بِمُسْلِمِيْنَ فَإِنْ لَمْ تَدْعُ ضَرُورَةٌ إِلَى رَمْيِهِمْ تَرَكْنَاهُمْ، صيانة


= أول من رمى بالمنجنيق: ج ٤ ص ١٢٦. والترمذي في الجامع: كناب الأدب: باب ما جاء في الأخذ من اللحية: في تعلقيه على الحديث (٢٧٦٢).
(٣٣٢) الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما؛ رواه الترمذي في الجامع: كتاب الديات: باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن: الحديث (١٣٩٥)، وقال: هذا أصح من حديث ابن أبي عدي. والنسائي في السنن: كتاب تحريم الدماء: تعظيم الدم: ج ٧ ص ٨٢.
(٣٣٣) تقدم في الرقم (٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>