للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حال القدرة، أما من عجز بمرض ونحوه أو لم يبق معه سلاح فله الانصراف بكل حال، ويستحب أن يتولى متحرفًا أو متحيزًا، وَلاَ يُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إِلَى بَعِيْدَةٍ الْجَيْشَ فِيْمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ، لأن ببعده تفوت نصرته، أما ما غنموه قبل مفارقته فيشارك، كذا نص عليه وبمثله في المتحرف لقتال، وَيُشَارِكُ مُتَحَيِّزٌ إِلَى فَئَةٍ قَرِيْبَةٍ في الأَصَحِّ، لبقاء نصرته، والثاني: لا؛ لأجل مفارقته وفيه بُعد، فَإِنْ زَادُواْ عَلَى مِثْلَيْنِ جَازَ الاِنْصِرَافُ، لقوله تعالى: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ ... } الآية (٣٣٦)، إِلاَّ أَنَّهُ يَحْرُمُ انْصِرَافُ مِائَةِ بَطَلٍ عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ في الأَصَحِّ، لأنهم يقاومونهم لو ثبتوا، وإنما يراعى العدد عند تقارب الأوصاف، والثاني: المنع؛ لأن اعتبار الأوصاف يُعْسَرُ (•) فاعتبر الحكم بالعدد، ومأخذ الخلاف النظر إلى مجرد اللفظ أو مراعاة المعنى، ويعبر عنه بأنه هل يجوز أن يستنبط من اللفظ العام أو المطلق معنى يخصصه أو يقيده؟ والخلاف جارٍ في العكس وهو فرار مائة من ضعفائنا عن مائة وتسعة وتسعين من أبطالِهِمْ؛ فإن اعتبرنا العدد لم يجز الفرار، وإن اعتبرنا الْمَعْنَى جَازَ.

تَنْبِيْهٌ: قيَّد الغزالي وإمامه جواز الانصراف من الصف بما إذا لم يكن فيه انكسار المسلمين؛ وتبعهما الحاوي الصغير، قال الرافعي: ولم يتعرضْ له المعظم.

فَصْلٌ: وَتَجُوزُ الْمُبَارَزَةُ، للاتباع (٣٣٧)، فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ اسْتُحِبَّ الْخُرُوجُ إِلَيْهِ، لأن في ترك الخروج إضعافًا للمسلمين وتقوية للكافرين (٣٣٨)، وَإِنَّمَا تَحْسُنُ مِمَّنْ


(٣٣٦) الأنفال / ٦٦: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}.
(•) في النسخة (٢): يُعْتَبَرُ، بدل يُعْسَرُ.
(٣٣٧) عَنْ قَيْسِ بْنِ عُبَادٍ عَنْ عَلِيٍّ - رضي الله عنه -؛ قَالَ: (أَنَا أَوَّلُ مَنْ يَجْثُو بَيْنَ يَدَي الرَّحْمَنِ لِلْخُصُومَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). وَقَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: وَفِيْهِمْ أُنْزِلَتْ: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا في رَبِّهِمْ} قَالَ: هُمُ الَّذِيْنَ تَبَارَزُواْ يَوْمَ بَدْرٍ حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَعُبَيْدَةُ أَوْ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ. رواه البخاري في الصحيح: كتاب المغازي: باب قتل أبي جهل: الحديث (٣٩٦٥).
(٣٣٨) عَن جَابِرٍ - رضي الله عنه -؛ قَالَ: خَرَجَ مَرْحبُ الْيَهُودِيُّ مِنْ حِصْنٍ يَوْمَ خَيْبَرَ، قَدْ جَمَعَ سِلاَحَهُ، =

<<  <  ج: ص:  >  >>