للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصرح الجرجاني بأن الكلب لا يدخل في القسمة، وَالصَّحِيْحُ: أَنَّ سَوَادَ الْعِرَاقِ فُتِحَ عَنْوَةً؛ لأن عمر - رضي الله عنه - قسَّمَهُ في جملة الغنائم (٣٤٥)، وسُمَّي سوادًا لخضرته بالأشجار والزرع على أحد الأقوال، والثاني: أنه فُتِحَ صُلْحًا وأنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - رَدَّهُ عليهم بخَرَاجٍ يؤدُّونه كُلِّ سَنَةٍ (٣٤٦)، وَقُسِّمَ ثُمَّ بَذَلُوهُ وَوُقِفَ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ، أي وقفه عمر - رضي الله عنه - كما روي عنه من طرق، وَخَرَاجُهُ أُجْرَةٌ تُؤَدَّى كُلَّ سَنَةٍ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِيْنَ، والثاني: أنه باعه من أهله، وَالْخَرَاجُ ثَمَنٌ مُنَجَّمٌ؛ لأنه لم يزل الناس يبيعون أرض السواد ويشترون من غير إنكار (٣٤٧)، ومن قال بالأول لا يسلم عدم الإنكار بل قد روي الإنكار عن عمر - رضي الله عنه - (٣٤٨).


(٣٤٥) أَسْنَدَ الشَّافِعِيُّ عَنْ جَرِيْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَال: كَانَتْ بَحِيْلَةُ رُبُعَ النَّاسِ، فَقَسَمَ لَهُمْ رُبُعَ السَّوَادِ، فَاشْتَغَلُوهُ ثَلاَثَ أَوْ أَرْبَعَ سِنِيْنَ، أَنَا شَكَكْتُ، ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى عُمَر بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه - فَقَالَ: (لَوْلاَ أَنَّي قَاسِمٌ مَسْؤُولٌ لَتَرَكْتُكُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، وَلَكِنْ أرَى أَنْ تَرُدُّواْ عَلَى النَّاسِ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب السير: جماع أبواب السير: الأثر (١٨٨٨٤).
(٣٤٦) • عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، قَالَ: كُنْا رُبُعَ النَّاسِ يَوْمَ الْقَادِسِيَّةِ فَأَعْطَانَا عُمَرُ - رضي الله عنه - رُبُعَ السَّوَادِ، فَأَخَذْنَاهُ ثَلاَث سِنِيْنَ، ثُمَّ وَفَدَ جَرِيْرٌ إِلَى عُمَرَ - رضي الله عنه - بَعْدَ ذَلِكَ فَقَالَ: (أَمَا وَاللهِ لَوْلاَ أَنَّي قَاسِمٌ مَسْؤُولٌ لَكُنْتُمْ عَلَى مَا قُسِمَ لَكُمْ، فَأَرَى أَنْ تَرُدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ) فَفَعَلَ؛ فَأَجَازَهُ بِثَمَانِيْنَ دِيْنَارًا. رواه البيهقي في السنن الكبرى: الأثر (١٨٨٨٦ - ١٨٨٨٧). قالَ ابن حزم: هذا أصح ما جاء عن عمر في ذلك: ينظر: المحلى: ج ٧ ص ٣٤٤.
• عَنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيْهِ، قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ يَقُولُ: (لَئِنْ عِشْتُ إِلَى هَذَا الْعَامِ الْمُقْبِلِ، لاَ يُفتَحُ لِلنَّاسِ قَرْيَةٌ إِلاَّ قَسَمْتُهَا بَيْنَهُمْ كَمَا قَسَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْبَرَ). رواه الإمام أحمد في المسند: ج ١ ص ٣١.
(٣٤٧) في هذا تفصيل يطول نقله؛ ينظر: الحاوي الكبير للماوردي: كتاب السير: باب فتح السواد: ج ١٤ ص ٢٦٠ - ٢٦١.
(٣٤٨) نقل الماوردي قال: رُوِىَ عَنْ فَرْقَدِ السَّبْخِيِّ؛ أَنِّهُ قالَ: اشْتَرَيْتُ مِنْ أَرْضِ السَّوَادِ، فَأَتَيْتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ! فقَالَ: (مِمَّنِ اشْتَريْتَهَا؟ ) فَقُلْتُ: مِنْ أرْبَابِهَا، فَقَالَ: (هَؤُلاَءِ أَرْبَابُهَا) يَعْنِي الصَّحَابَةَ! . ينظر: الحاوي الكبير: ج ١٤ ص ٢٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>