للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلاَ يَصِحُّ أَمَانُ أَسِيْرٍ لِمَنْ هُوَ مَعَهُمْ في الأَصَحِّ؛ لأنه في نفسه ليس آمنًا، والثاني: يصح؛ لأنه مسلم مكلف مختار أَمَّنَ أمانًا ليس فيه إضرار.

وَيَصِحُّ، يعني الأمان، بِكُل لَفْظٍ يُفِيْدُ مَقْصُودَهُ، أي صريحًا كأجَرتُكَ أو كناية كَأَنْتَ عَلَى مَا تُحِبُّ، وَبِكتَابَةٍ، لأثر فيه عن عمر - رضي الله عنه - (٣٥١)، وَرِسَالَةٍ، أي سواء كان الرسول مسلمًا أو كافرًا.

وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْكَافِرِ بِالأَمَانِ، أي فإن لم يعلمه فلا أمان له حتى لو بدر مسلم فقتله جاز، فَإِنْ رَدَّهُ بَطَلَ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَقْبَل في الأَصَحِّ، كغيره من العقود، والثاني: يكفي السكوت لبناء الباب على التوسعة، وَتَكْفِي إِشَارَةٌ مُفْهِمَةٌ لِلْقَبُولِ، أي ولو من قادر على النطق لبناء الباب على الإتِّسَاعِ.

وَيجِبُ أَنْ لاَ تَزِيْدَ مُدَّتُهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَفِي قَوْلٍ: يَجُوزُ مَا لَمْ تَبْلُغْ سَنَةً، لما سيأتي في الهدنة، أما السَّنَةُ فممتنعة قطعًا، ولو زاد على الجائز فتفريق الصفقة، وَلاَ يَجُوزُ أمَانٌ يَضُرُّ الْمُسْلِمِيْنَ كَجَاسُوسٍ. أي وكذا طليعة، وَلَيْسَ لِلإِمَامِ نَبْذُ الأَمَانِ إِنْ لَمْ يَخَفْ خِيَانَةً, لأنه لازم من جهة المسلمين؛ فإن خافها نَبَذَهُ كالهدنة، وأَولى، وَلاَ يَدْخُلُ في الأَمَانِ مَالُهُ وَأَهْلُهُ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَكَذَا مَا مَعَهُ مِنْهُمَا فِي الأَصَحِّ إِلاَّ بِشَرْطٍ، لقصور اللفظ، والثاني: يدخل لاحتياجه إلى ذلك؛ واقتضى كلام الرافعي في أول المسألة الثانية الجزم به.

فَصْلٌ: وَالْمُسْلِمُ بِدَارِ الْحَرْبِ إِنْ أَمْكَنَهُ إِظْهَارُ دِيْنِهِ، أي لقوته وعشيرته، اسْتُحِبَّ لَهُ الْهِجْرَةُ، إلى دار الإِسلام خوفًا من الميل إليهم؛ ولا تجب لقدرته على


(٣٥١) عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَاءَنَا كِتَابُ عُمَرَ - رضي الله عنه -؛ (إِذَا حَاصَرْتُمْ قَصْرًا، فَأَرَادُوكُمْ أَنْ يَنْزِلُواْ عَلَى حُكْمِ اللهِ فَلاَ تَنْزِلُوهُمْ؛ فَإِنَّكُمْ لاَ تَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللهِ فِيْهِمْ، وَلَكِنْ أَنْزِلُهُمْ عَلَى حُكْمِكُمْ، ثُمَّ اقْضُواْ فِيْهِمْ مَا أَحْبَبْتُمْ، وَإِذَا قالَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: لاَ تَخَفْ! فَقدْ آمَنَهُ، وَإذا قَالَ: مَتْرِسْ فَقَدْ آمَنَهُ، فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُ الأَلْسِنَةَ). رواه البيهقي في السنن الكبرى: كتاب السير: جماع أبواب السير: باب كيف الأمان: الأثر (١٨٦٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>