أما التي قبلها، ففيها طريقة قاطعة بأنها تعقد لهم لما سلف، وطريقة حاكية لوجهين، وحه الجواز ما سلف، ووجه المنع. وعزاه القاضي إلى الأكثرين أنها ليست كتبًا منزّلة تتلى، ولأنها مواعظ لا أحكامَ فيها، وظاهر إيراد الرافعي ترجيح طريقة الوجهين، وأما الثانية ففيها طريقة قاطعة أيضًا أنها تعقد له سواء كان الأبُ وثنيًّا أو الأمُّ وثنيّة لما سلف، في تغليب حقن الدم، وفي المناكحة والذبيحة غلبنا التحريم احتياطًا، وطريقةٌ ثانيةٌ: أن حكمه حكم المناكحة والذبيحة، فإن كان الأبُ وثنيًّا فلا أو عكسه فقولان، وعبارة الروضة: فيه طرق؛ المذهب تقريره سواء كان الكتابي الأب أو الأم، وقيل: قولان، وقيل: لا يقر، وقيل: يلحق بالأب، وقيل: بالأم.
تَنْبِيْهٌ: أَفْهَمَ حَصْرُ المصنَّفِ عقدَ الذمةِ لمن ذكر أنها لا تعقد لغيرهم كعبدة الأوثان والملائكة والشمس ومن في معناهم والسامرة والصابئة إن خالفوا أصل دينهم فليسوا منهم، وإلا فمنهم كما سلف في النكاح.
وَلاَ جِزْيَةَ عَلَى امْرَأَةٍ، لقوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ... } الآية (٣٦٠)، وهذا خطابٌ للذكور، وَخُنْثَى، كالمرأة، فلو بانَتْ ذكورتُهُ أُخذ منه ما مضى كما جزم به المصنف في شرح المهذب في باب الأحداث، وَمَنْ فِيْهِ رِقٌّ, لأنه مال والمال لا جزية عليه، وَصَبِيًّ وَمَجْنُونٍ، لرفع القلم عنهما، فَإِنْ تَقَطَّعَ جُنُونُهُ قَلِيْلًا كَسَاعَةٍ مِنْ شَهْرٍ لَزِمَهُ، أي ولا عبرة بهذا الزمن اليسير، أَوْ كَثِيْرًا كَيَوْمٍ وَيَوْمٍ, فَالأَصَحُّ: تُلَفَّقُ الإِفَاقَةُ، فَإِذَا بَلَغَتْ سَنَةً وَجَبَتْ، اعتبارًا للأيام المتفرقة بالأيام المجتمعة، والثاني: لا شيء عليه كمن بعضه رقيق، وَلَوْ بَلَغَ ابْنُ ذِمِّيًّ وَلَمْ يَبْذُلْ جِزْيَةً أُلْحِقَ بِمَأْمَنِهِ، أي ولا يُغْتَالَ؛ لأنه كان في أمان أبيه بحكم التبعية، وَإِنْ بَذَلَهَا عُقِدَ لَهُ, لأن عقد الأب كان لنفسه، وَقِيْلَ: عَلَيْهِ كَجِزْيَةِ أَبِيْهِ، كما يتبعه في أصل الأمان واختاره الماوردي، وَالْمَذْهَبُ: وُجُوبُهَا عَلَى زَمِنٍ؛ وَشَيْخٍ هَرِمٍ؛ وَأَعْمًى؛