للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ أَسْلَمَ ذِمِّيٌّ أَوْ مَاتَ بَعْدَ سِنِيْنَ أُخِذَتْ جِزْيَتُهُنَّ مِنْ تِرْكَتِهِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْوَصَايَا، كسائر الديون، وَيُسَوَّى بَيْنَهَا وَبَيْنَ دَيْنِ آدَمِيٍّ عَلَى الْمَذْهَبِ، أي فإن لم تفِ التركة ضارب الإمام مع الغرماء بالجزية، وصحَّحَ المصنف هذه الطريقة في أصل الروضة، والطريق الثاني: أنه على الأقوال في اجتماع دَين الله ودَين الآدمي! هل يقدم ذا أم ذاك أم يستوي (•)؟ أَوْ فِي خِلاَلِ سَنَةٍ، أي أسلم أو مات في خلال سنة، فَقِسْطٌ، كالأُجرة، وَفِي قَوْلٍ: لاَ شَيْءَ، لأنه مال يراعى فيه الحول فيسقط بالموت في خلال الحول كالزكاة.

فَصْلٌ: وَتُؤْخَذُ، يعني الجزية، بِإِهَانَةٍ فَيَجْلِسُ الآخِذُ، وَيَقُومُ الذِّمِّيُّ وَيُطَأْطِئُ رَأْسَهُ وَيَحْنِي ظَهْرَهُ وَيَضَعُهَا في الْمِيزَانِ، وَيَقْبِضُ الآخِذُ لِحْيَتَهُ، وَيَضْرِبُ لِهْزِمَتَيْهِ، أي بكسر اللام والزاء وهي مجتمع اللحم بين الماضغ والاذن ويقول: يَا عَدُوَّ اللهِ أَدِّ حَقَّ اللهِ؛ لقوله تعالى: {وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٣٧٠)، قال الرافعي: ويشبهُ أن يكون (•) الضربُ في أحد الجانبين ولا يراعَى الجمع بينهما، وَكُلُّهُ مُسْتَحَبٌّ، لأنها تسقط بتضعيف الصدقة، وَقِيْلَ: وَاجِبٌ، ليحصل الصغار المذكور، فَعَلَى الأَوَّلِ، أي وهو استحباب هذه الكيفية: لَهُ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ بِالأَدَاءِ وَحَوَالَةٌ عَلَيْهِ وَأَنْ يَضْمَنَهَا، لأن الصغار حاصل بالتزامه المال وانقياده للأحكام على كره منه، والضمان أولى بالصحة؛ لأنه لا يمنع الطلب من الذمي وإقامة الصغار عليه، وعلى الثاني: وهو وجوبها, لا يجوز جميع ذلك إذ فيه إهانة للمسلم، ولو وكل ذمي ذميًا بالأداء قال الإِمام: الوجه طرد الخلاف؛ لأن كُلًّا منهما معنى بالصغار في نفسه. قُلْتُ: هَذِهِ الْهَيْئَةُ، يعني السالفة، بَاطلَةٌ وَدَعْوَى اسْتِحْبَابِهَا أَشَدُّ خَطَأً؛ وَاللهُ! أَعْلَمُ, هو كما قال؛ فإنه لا أصل لها؛ وإنما تؤخذ برفق كسائر الديون، ويكفي فِي الصَّغَارِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَيْهِمُ الْحُكْمُ لاَ أَنْ يُضْرَبواْ وَيُؤْذَواْ بِقَوْلٍ قَبِيْحٍ وَقَدْ أُمِرْنَا بِالْكَفِّ عَنْهُمْ، وفِي هذه الهيئة مِن الأذى ما لا يَخْفَى.


(•) في النسخة (٢): يُسَوّى.
(•) في النسخة (١) يكفي.
(٣٧٠) التوبة / ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>