للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَمِائَتَي دِرْهَمٍ عَشْرَةٌ وَخُمُسُ الْمُعَشَرَاتِ، لأن هذا شأن التضعيف، وَلَوْ وَجَبَ بِنْتَا مَخَاضٍ مَعَ جُبْرَانٍ، أي كما في ست وثلاثين عند فقد بنتي اللبون، لَم يُضَعِّفِ الْجُبْرَانَ في الأَصَحِّ، لما في تضعيف الجبران من تضعيف الضعف فيؤخذ مع كل بنت مخاض شاتان أو عشرون درهمًا، والثاني: يضعف فيؤخذ مع كلِّ بنت مخاض أربع شياه أو أربعون درهمًا، لأنه بعض الصدقة المأخوذة، وَلَوْ كَانَ بَعْضَ نِصَابٍ، أي كعشر شياه مثلًا، لَمْ يَجِبْ قِسْطُهُ في الأَظْهَرِ، لأن الأثر عن عمر - رضي الله عنه - ورد في تضعيف ما يجب على المسلم لا في إيجاب ما لا يجب، والثاني: يجب قسطه رعاية للتضعيف، ثُمَّ الْمَأْخُوذُ جِزْيَةٌ، أي وأن بدّل الأسم ومصرفه مصرف الفيء، ولهذا قال عمر - رضي الله عنه -: (هَؤُلاَءِ حَمْقَى أَبَوْ الاِسْمَ وَرَضُواْ بِالْمَعْنَى) (٣٧٣)، فَلاَ يُؤخَذُ مِن مَالِ مَنْ لاَ جِزْيَةَ عَلَيْهِ، أي كصبي ومجنون وامرأة.

فَرْعٌ: تضعيفُ الصدقة غير متعيِّنٍ، بل يجوز تَرْبِيْعُهَا وَتَخمِيْسُهَا على ما يراهُ من المصلحة؛ قاله الأصحاب.

فَصْلٌ: يَلْزَمُنَا الْكفُّ عَنْهُمْ وَضَمَانُ مَا نُتلِفُهُ عَلَيْهِمْ نَفْسًا وَمَالًا وَدَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ عَنْهُمْ، لأنهم إنما بذلوا الجزية لعصمة الدماء والأموال، وَقِيْلَ: إِنِ انْفَرَدُواْ بِبَلَدٍ لَمْ يَلْزَمْنَا الدَّفْعُ، كما لا يلزمهم الذب عنا، والأصح: اللزوم إذا أمكن الحاقًا لهم بأهل الإسلام في العصمة والصيانة، وهذا إذا جرى العقد مطلقًا؛ فإن جرى بشرط الدفع وجب لا محالة، وفيه احتمال للإمام، ولو كانوا مستوطنين بدار الحرب وبذلوا الجزية فلا يلزمنا الذب عنهم قطعًا، وَنَمْنَعُهُمْ إِحْدَاثَ كَنِيْسَةٍ، أي وكذا بيعة، في بَلَدٍ أَحْدَثْنَاهُ، أي كبغداد لأنه معصية، واستثنى الماوردي ما إذا أحدثُوها لعموم الناس؛ فإن اقتصروا على أهل دينهم فوجهان، أَوْ أَسْلَمَ أَهْلُهُ عَلَيْهِ، أي كاليمن، وَمَا فُتِحَ عَنْوَةً، أي كأصفهان (•)، لاَ يُحْدِثُونَهَا فِيْهِ، لأن المسلمين قد


(٣٧٣) حكاه الماوردي في الحاوي الكبير: كتاب الجزية: باب في نصارى العرب تضعف عليهم الصدقة: ج ١٤ ص ٣٤٦؛ قال: فصارت مضاعفة الصدقة هي الجزية مأخوذة باسم الصدقة، وقد قال عمر: (هَؤُلاَءِ قَوْمٌ حَمْقَى؛ أَبَوُ الاِسْمَ؛ وَرَضُواْ بِالْمَعْنَى).
(•) في النسخة (١): كأصبهان.

<<  <  ج: ص:  >  >>