للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيها من غير عوض كالأشهر الأربعة، قال المارودي: وهذا كله بالنسبة إلى نفوس المعقود (•) عليهم، أما أموالهم فيجوز العقد لها مُؤَبَّدًا، وفي جوازه كذلك للذرية وجهان، وَلِضَعْفٍ تَجُوزُ عَشْرَ سِنِيْنَ فَقَطْ، أى بحسب الحاجة؛ لأنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هَادَنَ قُرَيْشًا فِي (•) الْحُدَيْبِيَةِ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِيْنَ كما رواه أبو داود (٣٧٩)، وقوله (فَقَطْ) مراده أنه لا تجوز الزيادة على ذلك ولو احتيج إليها، نَعَمْ فيجوز والحالة هذه أن يعقد على عشر ثم عشر ثم عشر قبل أن تُقَضَّى الأُولى؛ جزم به الفوراني وغيره. وَمَتَى زَادَ عَلَى الْجَائِزِ، أي بأن زاد عند الضعف على عشر سنين أو احتاج إلى أربع سنين مثلًا فزاد، فَقَوْلًا: تَفْرِيْقُ الصَّفْقَةِ، لأنه جمعٌ في العقد الواحد بين ما يجوز العقد عليه وما لا يجوز، وقيل: يصح في الزائد قطعًا؛ لأنه يتسامح في معاقدة الكفار، وَإِطْلاَقُ العَقْدِ يُفْسِدُهُ، لأن الإطلاق يقتضي التأبيد؛ وحكى الرافعي في الإملاء عن البحر: أنه إذا أطلق الأمان حمل على أربع أشهر ويبلغ بعدها المأمن، وأقره عليه بعد أن قرر أن حكم الأمان حكم المهادنة حيث لا ضعف، وَكَذَا شَرْطٌ، فاسد، عَلَى الصَّحِيْحِ؛ بِأَنْ شَرَطَ مَنْعَ فَكِّ أَسْرَانَا، أي منهم، أَوْ تَرْكَ مَالِنَا لَهُمْ، أَوْ لِتُعْقَدَ لَهُمْ ذِمَّةٌ بِدُونِ دِيْنَارٍ، أَوْ بِدَفْعِ مَالٍ إِلَيْهِمْ، قال الإِمام: هو كالخلاف في أن الوقف هل يفسد بالشرط الفاسد؟ ولو دعت حاجة إلى بذل المال؛ جاز. وفي وجوب بذله عند الضرورة، وجهان؛ بناهما الرافعي على وجوب دفع الصائل، وضعَّفَ في الروضة البناء وصحح وجوب البذل للضرورة.

وَتَصُحُّ الهُدْنَةُ عَلَى أَنْ يَنْقُضَهَا الإِمَامُ مَتَى شَاءَ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ


(•) في النسخة (١): المعهود.
(•) في النسخة (٢): زمن.
(٣٧٩) • عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم (أَنَّهُمُ اصْطَلَحُواْ عَلَى وَضْعِ الْحَرْبِ عَشْرَ سِنِيْنَ يَأْمَنُ فِيْهِنَّ النَّاسُ). رواه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد: باب في صلح العدو: الحديث (٢٧٦٦).
• قال ابن إسحاق: قال الزهريُّ: (هذَا مَا صَالَحَ عَلَيْهِ مُحَمَّدُ بْنِ عَبْدِ اللهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو؛ اصْطلَحَا عَلَى وَضْعِ الْحَربِ عَنِ النَّاسِ عَشْرَ سِنْيِنَ يَأْمَنُ فِيْهِنَّ النَّاسُ وَيَكُفَّ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ). رواه ابن هشام في السيرة: أمر الهدنة: ج ٣ ص ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>