للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُمْرٍو] رواه البخاري (٣٨٦)، والظاهر: أنهم يذبون عنه ويحمونه، لاَ إِلَى غيْرِهَا، أي لا يرد إلى غير عشيرته، إِلَّا أَن يَقْدِرَ الْمَطْلُوبُ عَلَى قَهْرِ الطاَّلِبِ وَالْهَرَبِ مِنْهُ، وعلى ذلك حُمِلَ رَدُّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَبَا بَصِيْرٍ؛ فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي طَلَبِهِ رَجُلاَنِ فَرَدَّهُ إِلَيْهِمَا؛ فَقَتَلَ أحَدَهُمَا فِي الطَّرِيْقِ وأفْلَتَ الآخَرُ (٣٨٧)، وإذا لم يطلبه أحد فلا رد كما لا غرم، وَمَعْنَى الرَّدَّ أَن يُخَلَّى بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ، وَلاَ يُجْبَرُ عَلَى الرُّجُوعِ، وعلى هذا حمل رد النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا بصير وأبا جندل، ولا يبعد تسمية التخلية ردًا كما في الوديعة، وَلاَ يَلْزَمُهُ يعني المطلوب، الرُّجُوعُ، ولذلك لم ينكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أبي بصير امتناعه، وَلَهُ قَتْلُ الطَّالِبِ، لقصة أبي بصير السالفة، وَلَنَا التَّعْرِيضُ لَهُ بِهِ لاَ التَّصْرِيْحُ، لأنَّ عُمَرَ - رضي الله عنه - قَالَ لأَبِي جَنْدَلَ حِيْنَ رُدَّ إِلَى أَبِيْهِ [اِصْبِرْ أَبَا جَنْدَلٍ؛ فَإِنَّمَا هُمُ المُشْرِكُونَ وَإِنَّمَا دَمُ أَحَدِهِمْ كَدَمِ كَلْبٍ] فعرَّض لهُ بقتل أبيهِ، كما رواه الإمام أحمد في مسنده (٣٨٨)، وفي القتل والتعريض احتمال للإمام أشار إليه في الْمُحَرَّرِ بالظاهر، واعتذر في الدقائق عن حذفه فقال: تعبيره بالظاهر فيه إشارة إلى احتمال له، ولم يرد إثبات خلاف فلا خلاف فيه وهو عجيبٌ منه؛ وإلّا فالرافعي في الشرح الصغير أثبته وجهًا؛ وكذلك هو نفسه في عدة مواضع جعل إحتمال الإمام وجهًا.

وَلَوْ شَرَطَ أنْ يَرُدُّواْ مَنْ جَاءَهُم مُرْتَدًّا مِنّا لَزِمَهُمُ الْوَفَاءُ، عملًا بالتزامهم، فَإِنْ أَبَواْ فقَدْ نَقَضُواْ، العهد، وَالأَظْهَرُ: جَوَازُ شَرْطِ أَنْ لاَ يَرُدُّواْ، أي من جاءهم منَّا مرتدًا؛ لأنه - عليه السلام - شرط ذلك في مهادنة قريش (٣٨٩)، والثاني: المنعُ؛ ولا بد من


(٣٨٦) رواه البخاري في الصحيح: كتاب الشروط: باب ما يجوز من الشروط في الإسلام: الحديث (٢٧١١ و ٢٧١٢).
(٣٨٧) جزء من حديث طويل رواه البخاري في الصحيح: كتاب الشروط: باب الشروط في الجهاد: الحديث (٢٧٣١ و ٢٧٣٢).
(٣٨٨) رواه الإمام أحمد في المسند: ج ٤ ص ٣٢٥ جزء من الحديث الطويل السابق. وفيه: (وَيُدْنِي قَائِمَ السَّيْفِ مِنْهُ).
(٣٨٩) في الكتاب: [أَنَّهُ لاَ يَأْتِيْكَ مِنَّا رَجُلٌ - وإِن كَانَ عَلَى دِيْنِكَ - إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا]. رواه =

<<  <  ج: ص:  >  >>