للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم تكن معلَّمة لم يحل ما قتلته، وإن أدركه وفيه حياة مستقرة فلا بد من ذبحه لقوله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لأَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشْنِيِّ [وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرُ مُعَلَّمٍ فَأدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ فَكُلْ] متفق عليه (٤٠٨)، وَيُشْتَرَطُ تَرْكُ الأَكْلِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ فِي الأَظْهَرِ، كما في جوارح السباع، والثاني: لا؛ لأنه لا يمكن التحامل عليها، وَيُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الأُمُورِ، أي المعتبرة في التعليم، بِحَيْثُ يَظُنُّ تَأَدُّبَ الْجَارِحَةِ، والرجوع في عدد ذلك إلى أهل الخبرة بالجوارح، وقيل: يشترط تكرره ثلاث مرات وهو ظاهر كلام الحاوي الصغير، وَلَوْ ظَهَرَ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا ثُمَّ أَكَلَ مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ، قبل قتله أو بعده، لَمْ يَحِلَّ ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الأَظْهَرِ، لأن عدم الأكل شرط في التعليم ابتداءً فكذا دوامًا، والثاني: يحل لأن الأصل بقاؤه على التأدب، والأكل يحتمل أن يكون لشدة جوع أو غيظ على الصيد إذا أتعبه، وفصَّل جماعة فقالوا إن أكَلَ عقب القتل فقولان وإلا فيحل قطعًا، فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيْمٌ جَدِيْدٌ، أي إذا قلنا بالتحريم، ولو أتى بالفاء بدل الواو لكان أحسن لِيُنِيْهَ على التفريع ولا ينعطف التحريم على ما اصطاده من قبل خلافًا لأبي حنيفة، وَلاَ أَثَرَ لِلَعْقِ الدَّمِ، لأنه لم يتناول ما هو مقصود الصائد.

وَمَعَضُّ الْكَلْبِ مِنَ الصَّيْدِ نَجِسٌ، كغيره، وَالأصَحُّ: أَنَّ لاَ يُعْفَى عَنْهُ، كوُلُوغِهِ، والثاني: نعم لعسر الاحتراز، وَأَنَّهُ يَكْفِي غَسْلُهُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ، أى سبعًا كغيره، وَلاَ يَجِبُ أَن يُقَوَّرَ وَيُطْرَحَ، والثاني: لا، بل يقوَّرُ ذلك الموضع ويطرح؛ لأنه تَشَرَّبَ


(٤٠٨) عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشْنِيَّ قَالَ: قُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، إنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟ وَبِأَرْضِ صَيْدٍ؛ أَصِيْدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَبِكَلْبِي المُعَلَّمِ؛ فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ: [أمَّا مَا ذكَرْتَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَإنْ وَحَدْتُمْ غَيْرَهَا! فَلاَ تَأْكُلُواْ فِيْهَا؛ وَإِنْ لَم تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا وَكُلُواْ فِيْهَا. وَمَا صِدْتَ بقَوْسِكَ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ؛ فَكُلْ. وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ؛ فَكُلْ. وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب الذبائح والصيد: باب صيد القوس: الحديث (٥٤٧٨). ومسلم في الصحيح: كتاب الصيد والذبائح: باب الصيد بالكلاب المعلمة: الحديث (٨/ ١٩٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>