{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ .... } الآية (٤٥٨)، أما الكافر فلا، وإن كان ذميًا وكذا البهيمة، أَوْ غَيْرَ مُضْطَرًّ لَزِمَهُ إِطْعَامُ مُضْطَرًّ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمَّيًّ، أى أو مستأمن، وكذا لو كان يحتاج إليه في تأتي الحال في الأصح، فَإِنِ امْتَنَعَ، أي المالك من إطعامه، فَلَهُ، أي للمضطر، قَهْرُهُ، أي على أخذه، وَإنْ قَتَلَهُ، أي ويكون مُهْدَرًا، وَإنَّمَا يَلْزَمُهُ، يعني المالك الإطعام، بِعِوَضٍ نَاجِزٍ إِنْ حَضَرَ، وَإِلَّا فَبِنَسِيْئَةٍ، أى ولا يلزمه البذل مجانًا، فَلَوْ أَطْعَمَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ عِوَضًا فَالأَصَحُّ: لاَ عِوَضَ، حملًا على المسامحة المعتادة في الطعام سيما في حق المضطر، والثاني: يلزمه؛ لأنه خَلّصَّهُ من الهلاك بذلك فرجع عليه بالبذل كما في العفو عن القصاص.
فَرْعٌ: كما يجب البذل لإبقاء الآدمي المعصوم يجب لابقاء البهيمة المحترمة وإن كانت ملكًا للغير.
وَلَوْ وَجَدَ مُضْطَرٌّ مَيْتَةً وَطَعَامَ غَيْرِهِ، أَوْ مُحْرِمٌ مَيْتَةً وَصَيْدًا فَالْمَذْهَبُ أَكْلُهَا، لأنه لا ضمان فيها، وفي الأُولى وجه: أنه يأكل الطعام؛ لأنه حلال العين، ووجه ثالث: أنه يتخير بينهما، وفي الثانية قول: أنه يأكل الصيد؛ لأن تحريم الميتة آكد وأغلظ؛ لأنه يَتَأَبَّدُ وَيَعُمُّ الْمُحرِمَ وغيره وتحريم الصيد بخلافه، وفي قول أو وجه: يتخيّر بينهما كما في الأَولى، وكان ينبغي للمصنف التعبير في الأُولى بالأصح؛ لأنها ذات ثلاثة أوجه، وقيل أقوال، وأما الثانية: فيصح التَعْبِيرُ فيها بالمذهب؛ لأن الأكثر على بناء الخلاف في أن ما يذبحه المُحرَّم هل يصير ميتة، إن قلنا: نعم أكل الميتة قطعًا، وإلّا فقولان، وَالأَصَحُّ: تَحْرِيْمُ قَطْعِ بَعْضِهِ لأَكْلِهِ، لأنه قطع لحم حي قد يتوقع منه الهلاك وكقطعه من غيره، والثاني: لا؛ لأنه إتلاف بعضٍ لاستبقاء الكل فأشبه قطع اليد بسبب الأكَلَةِ، قال الرافعي في شرحيه: ويشبه أن يكون هذا أظهر؛