للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ: ومَنْ حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ دَارًا حَنِثَ بِدُخُولِ دِهْلِيْزٍ دَاخِلَ الْبَابِ، أَوْ بَيْنَ بَابَيْنِ، لأنه من الدار؛ ومن جاوز الباب عُدَّ داخلًا، لاَ بِدُخُولِ طَاقٍ قُدَّامَ الْبَابِ، لأنه لا يقال دخل الدار، قال الرافعي: وَالطَّاقُ هو المعقودُ خارج الباب، ولاَ بِصُعُودِ سَطْحٍ غَيْرِ مُحَوَّطٍ، ولا سُترة عليه، وَكذا مُحَوَّطٍ فِي الأَصَحَّ، كما لو حصل على بعض جدران الدار؛ لأن السطح حاجز يَقِي الدار من الْحَرَّ وَالْبَرْدِ كالجدارِ، والثاني: يحنث؛ لإحاطة حيطان الدار به.

وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ؛ أَوْ رَأْسَهُ؛ أَوْ رِجْلَهُ لَمْ يَحْنَثْ، لأنه لا يُسَمَّى داخلاً، فَإِنْ وضَعَ رِجْلَيْهِ فِيْهَا مُعتَمِدًا عَلَيْهِمَا حَنَثَ، لأنه يسمى داخلًا، وَلَوِ انْهَدَمَتْ، أي الدار المحلوف عليها، فَدَخَلَ وَقَدْ بَقِيَ أَساسُ الْحِيْطَان حَنَثَ، لأنها منها، وَإِنْ صَارَتْ فَضَاءً؛ أَوْ جُعِلَتْ مَسْجِدًا؛ أَوْ حَمَّامًا؛ أَوْ بُسْتَانًا فَلاَ، لزوال مُسَمَّى الدار.

وَلَوْ حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ حَنَثَ بِدُخُولِ مَا يَسْكُنُهَا بمِلْكٍ لاَ بِإِعَارَةٍ وَإِجَارَةٍ وَغَصْبٍ، لأن الإضافة تقتضي الْمِلْكَ، إِلَّا أَنْ يُرِيْدَ مَسْكَنَهُ، أي فَنَعمَلُ بِقَوْلِهِ؛ لأن الشَّرْعَ وردَ به مَجَازًا فَأَثَّرَتْ فِيْهِ النَّيَّةُ؛ قال تعالى: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ} (٤٨١) أي من بيوت الأزواج، وانما قلنا إنهُ مَجَازٌ؛ لأنه يَصْدُقُ أنها ليست داره بل مسكنه، واستثنى ابن يونس الطلاق والعِتَاقَ؛ وقال: إنه يُدَّيَنُ باطنًا، وَاعْتُرِضَ عليه بأن نِيَّةَ السَّكَنِ توجبُ التغليظ عليه وذلك موجب لوقوع الطلاق والعتق فلا حاجة إلى الإستثناء، وَيَحْنَثُ بِمَا يَمْلُكهُ وَلاَ يَسْكُنُهُ إِلَّا أَنْ يُرِيْدَ مَسْكَنَهُ، عملًا بقصده.

وَلَوْ حَلَفَ لاَ يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ؛ أَوْ لاَ يُكَلَّمُ عَبدَهُ؛ أَو زَوْجَتَهُ فَبَاعَهُمَا؛ أَوْ طَلَّقَهَا فَدَخَلَ وَكَلَّمَ لَمْ يَحْنِثْ، لأنه لم يدخل داره ولم يكلم عبده ولا زوجته لزوال الْمِلْكِ بالبيع والطلاق، ولو عَبَّرَ بقوله (فأزال ملكهما) بدل (بَاعَهُمَا) لكان أعمَّ ليدخل الهبة وغيرها، إِلَّا أَنْ يَقُولَ: دَارهُ هَذِهِ أو زَوْجَتُهُ هَذِهِ أَوْ عَبْدَهُ هَذَا فَيَحْنَثُ،


(٤٨١) الطلاق / ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>