للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اتفاقًا، وَفِي قَوْلٍ: لاَ يَجُوزُ، لأنه تقليد القضاء من مناصب الإمام فلا يثبت للآحاد، وَقِيْلَ: بِشَرْطِ عَدَمِ قَاضٍ فِي الْبَلَدِ، للضرورة؛ فإن كان! فالقولان، وقيل: عكسُهُ محافظة على منصب القاضي، وَقِيْلَ: يَخْتَصُّ بِمَالٍ، لأنه أخفٌّ، دُونَ قِصَاصٍ وَنِكَاحٍ وَنَحْوِهِمَا، أي كَلِعَانٍ وَحَدَّ قَذْفٍ؛ لأنها أمور خطيرةٌ فَتُنَاطُ بنظر القاضي ومنصبه، والأصح: عدم الاختصاص؛ لأَنَّ مَنْ صَحَّ حُكْمُهُ فِي الْمَالِ صَحَّ فِي غَيْرِهِ كَالمُوَلَّى من جهة الإمام، وقوله (وَقيْلَ) في هذين الموضعين هو طريقةٌ؛ فهذا مما أطلق الوجه على اصطلاحه والمراد الطريقة، وَلاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ إِلَّا عَلَى رَاضٍ بِهِ؛ فَلاَ يَكْفِي رِضَا قَاتِلٍ فِي ضَرْبِ دِيَةٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أي بل لا بد من رِضَى الْعَاقِلَةِ، وَإنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْحُكْمِ؛ امْتَنَعَ الْحُكْمُ، حتى لو أقام المدعي شاهدين؛ فقال المدعى عليه: عزلتك؛ لم يكن له أن يحكم، وَلاَ يُشْتَرَطُ الرَّضَا بَعْدَ الْحُكْمِ فِي الأَظْهَرِ، كحكم الحاكم، والثاني: يشترط؛ لأن رِضَاهُمَا مُعْتَبَرٌ في الحكم فكذلك في لزومه.

فَصْلٌ: وَلَوْ نَصَبَ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ وَخَصَّ كُلاَّ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ، أي بأن جعل أحدهما يحكم في الأموال والآخر يحكم في الدماء والفروج، جَازَ، قال ابنُ كَجًّ: وكذا لو وَلَّاهُمَا على أن يحكم كُلٌّ منهما في الواقعة التي يرفعها المتخاصمان إليه، وَكَذَا إِنْ لَمْ يُخَصَّ فِي الأَصَحَّ، أي بل عمَّم ولايتهما مكانًا وزمانًا وحادثة كنصب الوكيلَين والوصيَّيْنِ، وهذا ما صححه الأكثرون، ورواه الروياني في النص (•)، والثاني: لا يجوز كالإمامة العُظمَى؛ وصححه الإمام والغزالي وابن أبي عُصْرُونَ، ونقل مُجَلَّي في تصحيحه عن الأصحاب، فعلى هذا إن ولاّهما معًا بطلت ولايتهما؛ أو متعاقبين صحَّتْ توليةُ الأول دون الثاني، إِلاَّ أَنْ يَشْرِطَ اجْتِمَاعَهُمَا عَلَى الْحُكْمِ، أي فإنه لا يجوز؛ لأن الاختلاف يكثر في مواقع الاجتهاد فتتعطل الحكومات.

فَرْعٌ: الحكم المذكور جارٍ فِي أكثر من قاضيين بشرط أن يقل عددهم، فإن كثر لم يصح قطعًا قاله الماوردي والروياني.


(•) في النسخة (١) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>