للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَصْلٌ: جُنَّ قَاضٍ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ عَمِيَ أَوْ ذَهَبَتْ أَهْلِيَّةُ اجْتِهَادِهِ وَضَبْطِهِ بِغَفْلَةٍ أَوْ نِسْيَانٍ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ، لأن هذه الأمور تمنعُ ولاية الأب، فالحاكم أَولى، وما جزم به الرافعي والمصنف في الإغماء حكاهُ الروياني وجهًا وَوَهَّاهُ حيث قال: لو أُغْمِيَ على القاضي لم يؤثر في ولايته لأنه مرض، قال: وفيه وجه بعيد؛ أنه ينعزل به وليس بشيء، قُلْتُ: والقول بعدم انعزاله وجه مُحْكَى في الوكالة وفي الحكمين في الشقاق، وقد حكاه الرافعي فيه ولم يحكه في القضاء، والقضاء أقوى من الوكالة وأولى بعدم الانعزال كما قاله الروياني في البحر فَتَنَبَّهْ له، وَكَذَا لَوْ فُسَّقَ فِي الأَصَحَّ، أي بخلاف الإمام الأعظم لما في إبطال ولايته من اضطراب الأمور وحدوث الفتن، والثاني: ينفذ كالإمام الأعظم وقد تقدمت هذه المسألة في الوصايا أيضًا، فَإِنْ زَالَتْ هَذِهِ الأَحْوَالُ لَمْ تَعُدْ وِلاَيَتُهُ فِي الأَصَحَّ، أي إلا بالاستئناف لأنه بالانعزال صار على ما كان عليه قبل التولية فاحتاج إلى تجديدها، والثاني: يعود من غير استئناف كما تعود ولاية الأب إذا جُنَّ ثم أفاق، وَلِلإِمَامِ عَزْلُ قَاضٍ ظَهَرَ مِنْهُ خَلَلٌ، لأنه عين المصلحة، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ، وَهُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهُ، أي خلل وهناك أفضل منه، لما في ذلك من تحصيل مصلحة زائدة، أَوْ مِثْلُهُ، أي وكذا دونه، وَفِي عَزْلِهِ مَصْلَحَةٌ كَتَسْكِيْنِ فِتْنَةٍ وَإِلَّا فَلاَ، أي وإن لم يكن فيه مصلحة فليس له عزله، لَكِنْ يَنْفُذُ الْعَزْلُ فِي الأَصَحَّ، للمصلحة وطاعة السلطان، والثاني: لا؛ لأنه لا خلل في الأول ولا مصلحة في عزله، أما إذا لم يكن ثمَّ من يصلح للقضاء غيره فإنه ليس له عزله، ولو عزله لم ينعزل، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لاَ يَنْعَزِلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ خَبَرَ عَزْلِهِ، لعظم الضرر في نقض أقضيته بعد العزل وقبل بلوغ الخبر، والطريق الثاني: حكاية قولين كالوكيل، وَإِذَا كَتَبَ الإِمَامُ إِلَيْهِ: إِذَا قَرَأْتَ كِتَابِي فَأَنْتَ مَعْزُولٌ فَقَرَأَهُ انْعَزَلَ، لوجود القراءة، وَكَذَا إِنْ قُرِئَ عَلَيْهِ فِي الأَصَحَّ، لأن الغرض إعلامه بصورة الحال لا قراءته بنفسه، والثاني: لا ينعزل لصورة اللفظ؛ وهو المصحح (•) في نظيره من الطلاق والفرق ظاهر.

وَيَنْعَزِلُ بِمَوْتِهِ وَانْعِزَالِهِ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي شُغْلٍ مُعَيَّنٍ كَبَيْعِ مَالِ مَيَّتٍ, أي أو


(•) في النسخة (١): وهو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>