للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غائب كالوكيل فإنه ينعزل بموت الموكل، وَالأَصَحُّ: انْعِزَالُ نَائِبهِ الْمُطْلَقِ إِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي اسْتِخْلاَفٍ، لأن الاستخلاف في هذا لحاجته إلى من يعاونه في العمل وقد زالت بزوال ولايته، أوْ قِيْلَ لَهُ: اسْتَخْلِفْ عَنْ نَفْسِكَ أَوْ أَطْلَقْ، لظهور غرض المعاونة؛ وبطلانها بطلان ولايته، فَإِنْ قَالَ: اسْتَخْلِفْ عَنَّي فَلاَ، لأنه مأذون من جهة الإمام، وكان الأول سفير محض في التولية والوجه، الثاني: ينعزل مطلقًا؛ كما ينعزل الوكيل بموت الموكل، والثالث: لا مطلقًا؛ رعاية لمصلحة الناس، وَلاَ يَنْعَزِلُ قَاضٍ بِمَوْتِ الإِمَامِ، أي ولا بانعزاله لشدة الضرر في تعطيل الحوادث، وكذا لا ينعزل الولاة بذلك أيضًا، وَلاَ نَاظِرُ يَتيْمٍ وَوَقْفٍ. بِمَوْتِ قاضٍ، أى وكذا بانعزاله؛ لئلا تتعطل أبواب المصالح؛ فَهُمْ كالمتولي من جهة الواقف.

فَصْلٌ: وَلاَ يُقْبَل قَوْلُهُ بَعْدَ انْعِزَالِهِ: حَكَمْتُ بكَذَا، لأنه لا يملك إنشاء الحكم يومئذ؛ فكذا إقراره به, فَإِنْ شَهِدَ مَعَ آخَرَ بِحُكْمِهِ لَم يُقْبَلْ عَلَى الصَّحِيْحِ، لأنه يشهد على فعل نفسه، والثاني: يقبل؛ لأنه لا تجرُّ شهادته نفعًا إلى نفسه ولا تدفع ضررًا، ومحل الخلاف في غير الإقرار، أما إذا شهد أنه أقر في مجلس حكمه فتقبل شهادته قطعًا كما نبّه عليه صاحب المعين اليمني، أوْ بِحُكْمِ جَائِزِ الْحُكْمِ؛ قُبِلَتْ فِي الأَصَحَّ، كما لو شهدت المرضعة برضاع محرّم ولم تذكر فعلها، والثاني: المنع؛ لأنه قد يريد نفسه فيجب البيان ليزول اللبس، وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ قَبْلَ عَزْلِهِ: حَكَمْتُ بِكَذَا، لأنه يملك الإنشاء إذن، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلَّ وِلاَيَتِهِ فَكَمَعْزُولٍ، لأنه ليس له إنشاء الحكم ثم فلا يقبل إقراره به.

وَلَوِ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى مَعْزُولٍ أَنَّهُ أَخَدَ مَالَهُ بِرِشْوَةٍ أَوْ شَهَادَةِ عَبْدَيْنِ مَثَلاً أُحْضِرَ وَفُصِلَت خُصُومَتُهُمَا، لأن هذا الأخذ كالغصب وله أن يوكل ولا يحضر، قال ابن كج: والرشوة عطية بشرط أن يحكم له بغير حق أو يمتنع عن الحكم عليه بحقًّ؛ بخلاف الهدية فإنها عطية مطلقًا.

وَإِنْ قَالَ: حَكَمَ بِعَبْدَيْنِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَالًا أُحْضِرَ، أي ليجيب عن دعواه كما لو

<<  <  ج: ص:  >  >>