للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

طلب إحضار غيره، وَقِيْلَ: لاَ حَتَّى يُقِيْمَ بَيَّنَةً بِدَعْوَاهُ، أي يكون له بَيَّنَةٌ؛ لأن الظاهر جريان حكمه على الصواب، وهذا أصح عند البغوي، وقال في الْمُحَرَّرِ: رجحه مرجحون، ولم يذكر غير ذلك، لكنه في الشَّرْحِ قال: إن الأول أصح عند الروياني وغيره؛ فلذلك صححه المصنف هنا، فَإِنْ أُحْضِرَ، أي بعد البَيَّنَةِ أو مِن غيرِ بَيَّنَةٍ، وَأَنْكَرَ صُدَّقَ بِلاَ يَمِيْنٍ فِي الأَصَحَّ، صيانة له على التَّحْلِيْفِ والابتذال بالمنازعات الباطلة، قُلْتُ: الأَصَحُّ بِيَمِيْنٍ، وَاللهُ أَعْلَمُ، كالمودع وسائر الأمناء إذا ادَّعَيْتَ عليهم خيانةً.

ولَوِ ادَّعَى عَلَى قَاضٍ جَوْرٌ فِي حُكْمٍ لَمْ يُسْمَعْ ذَلِكَ، وَيُشْتَرَطُ بَيَّنَةٌ، لأنه أمين شرعًا، ولو فتح باب التحليف لتعطل القضاء، وكذا الشاهد إذا ادّعي عليه أنه شهد بالزور وأراد تحليفه كما ذكره المصنف في الدَّعَاوَى، وَإِنْ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ، أي كَأَنِ ادَّعَى تلفًا أو غيره، حَكَمَ بَيْنَهُمَا خَلِيفَتُهُ أَوْ غَيْرُهُ، لفصل الخصومة بذلك.

فَصْلٌ: لِيَكْتُبِ الإِمَامُ لِمَنْ يُوَلَّيهِ، للاتباع (٥٠٤)، وَيُشْهِدُ بِالْكِتَابِ شَاهِدَيْنِ، أي سواء قرُبَ مَحِلُّ الْوِلاَيَةِ أَمْ بَعُدَ، يَخْرُجَانِ مَعَهُ إِلَى الْبَلَدِ يُخْبِرَانِ بِالْحَالِ، لأهل العمل، وَتَكْفِي الاِسْتِفَاضَةُ فِي الأَصَحَّ، لأنه لم يؤثَرْ عن الشارع ولا عن الخُلفاء بعده الاشهاد؛ بل كانوا يقنعون بالاشتهار وتكفي الاستفاضة، والثاني: لا يكفي؛


(٥٠٤) • لِحَدِيْثِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيْهِ عَنْ جَدِّهِ [أنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتابٍ فِيْهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدَّيَاتُ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَقُرِئَ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ]. وهو حديث مشهور رواه أهل السنن وقد تقدم في كتاب الديات: الرقم (١٨٩).
• (وَكَتَبَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - كِتَابًا لأَنَسٍ - رضي الله عنه - لَمَّا بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ أَوْ وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ) وَختَمَهُ بِخَاتَمِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: [أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رضي الله عنه - لَمَّا اسْتُخْلِفَ بَعَثَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ، وَكَتَبَ لَهُ هَذَا الكَتابَ وَخَتَمَهُ بِخَاتَمِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب فرض الخمس: باب ما ذكر من روع النبي - صلى الله عليه وسلم -: الحديث (٣١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>