للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأن العقود لا تثبت بها كالوكالة والإجارة، ومحل الخلاف في البلد القريب؛ ومنهم من أطلقه كما هو ظاهر إيراد المصنف، قال الرافعي: ويشبه أن لا يكون في هذا خلاف، ويكون التعويل على الاستفاضة، لاَ مُجَرَّدُ كِتَابٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، لأنه لا يعتمد على الخط، وقيل: وجهان كما حكاه في الروضة، ووجه الاعتماد بُعد الجُرأة في مثل ذلك على الإمام، وَيَبْحَثُ الْقَاضِي عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ وَعُدُولِهِ، أي قبل دخوله ليعاملهم إذا دخل بما يليق بهم؛ فإن تعذر فبعد دخوله.

وَيَدْخُلُ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، لأنه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ دَخَلَ فِيْهِ الْمَدِيْنَةَ (٥٠٥)؛ فإن فَاتَهُ فالسبت أو الخميس، وَيَنْزِلُ وَسَطَ الْبَلَدِ، لأنه أقرب إلى التسوية فلا يطول الطريق على بعضهم، وَيَنْظُرُ أَوَّلًا فِي أَهْلِ الْحَبْسِ، لأن الحبس عذابٌ، وهذا على سبيل الاستحباب كما صرح به الرافعي في أواخر الأدب، لكن قال الإمام: إنه واجب، فَمَنْ قَالَ: حُبِسْتُ بِحَقًّ أَدَامَهُ، لأنه الحق، أَوْ ظُلْمًا فَعَلَى خَصْمِهِ حُجَّةٌ، أي والقول قول المحبوس بيمينه، فَإِنْ كَانَ، أي خصمه، غائِبًا كَتَبَ إِلَيْهِ لِيَحْضُرَ، لفصل الخصومة بينهما، ثُمَّ فِي الأَوْصِيَاءِ، أي إذا فرغ من النظر في المحبوسين نظر في الأوصياء ومالِ الأطفال؛ لأن الوَصِيَّ يتصرُّفُ في حَقَّ من لا يُمْكِنُهُ المرافعةُ والمطالبةُ كالأطفال وأصحاب الجهات العامة، فَمَنِ ادَّعَى وِصَايَةً سَألَ عَنْهَا، أي فإن أقام بيّنة بثبوتها أقرّه، وَعَن حَالِهِ وَتصَرُّفِهِ، فَمَنْ وَجَدَهُ فَاسِقًا أخَذَ الْمَالَ مِنهُ أَوْ ضَعِيْفًا، أي لكثرة الأموال أو لسبب آخر، عَضَّدَهُ بِمُعِيْنٍ.

تَنْبيْهٌ: ثم بعد الأوصياء يُنْظَرُ في أُمناء القاضي ثم في أَمْرِ الأَوْقَافِ وَالْمُتَوَلَّيْنَ لَهَا، وفي اللُّقَطةِ وَالضُّوَالَّ ويرتب الحكم عليها وَيُقَدَّمُ من ذلك الأَهَمَّ فَالأَهَمَّ.


(٥٠٥) لِحَدِيْثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فِي هِجْرَةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -؛ أَنَّ الْمُسْلِمِيْنَ تلَقَّوا رَسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى نَزَلَ بِهِمْ فِي بَنِي عَمرِو بنِ عَوْفٍ [وَذَلِكَ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيْعٍ الأوَّلِ]. رواه البخاري في الصحيح: كتاب مناقب الأنصار: باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة: الحديث (٣٩٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>