للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُكْرَهُ لِلْمُحْدِثِ، لأنه دعاءٌ وذكرٌ، وَللْجُنُبِ أَشَدُّ، لأنها أَغْلَظُ. قُلْتُ: والحائض أغلظ من الجنب؛ لأن حدثها أغلظُ من حدثه، وَالإِقَامَةُ أَغْلَظُ، لقربها من الصلاة.

وَيُسَنُّ صَيِّتٌ، أي شديد الصوت ورفيعه لأنه أبلغ في الأعلام، حَسَنُ الصَّوْتِ، لأنه أبعث على الأجابة (٣٣٢)، عَدْلٌ، ليصدق في الوقت؛ ويغض بصره عن عورة من يعلوه.

وَالإِمَامَةُ أَفْضَلُ مِنْهُ، أي من الأذان والإقامة، فِي الأَصَحِّ، لأنها أشق، ولمواظبة الشارع والخلفاء الراشدين عليها، ولأن القيام بالشئ أَوْلَى من الدعاء إليه وهو قائم بفرض الكفاية على ما صححه المصنف في بابه فيكون راجحًا على الأذان إذ هو سنة على الصحيح. قُلْتُ: الأَصَحُّ أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَاللهُ أَعْلَمُ، لدعائه له عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلاَمُ بالمغفرة وللإمام بالإرشاد، وهو قول أكثر الأصحاب، واستنبط ابن حبان في صحيحه من قوله عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: [مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ] (٣٣٣) أن المؤذن يكون له مثل أجر من صلّى بأذانه. قُلْتُ: ونصَّ الشافعىُّ - رضي الله عنه - في الأُمِّ على أنَّه إذا قام بحقوق الإمامة كانت أفضل.

وَشَرْطُهُ الْوَقْتُ، لأنه إنما يراد للإعلام بدخول الوقت؛ فلا يجوز قبله، وذلك إجماع في غير الصبح، إِلاَّ الصُّبْحَ، للاتباع، فَمِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ، لأنّ معظمه قد ذهب


(٣٣٢) لما جاء في حديث عبد الله بن زيد قال: أتيتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرتُه بما رأيتُ، فقال: [إنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إنْ شاءَ اللهِ، فَقُم مَعَ بِلالٍ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأيْتَ، فَلِيُؤَذِّن بِهِ، فَإنّهُ أنْدَى صَوْتًا منك] رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: باب كيف الأذان: الحديث (٤٩٩). ولفظ الترمذي: [فَقُمْ مع بلالٍ، فَإنَّهُ أَنْدَى وَأَمَدُّ صَوتًا مِنْكَ، فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا قِيلَ لَكَ، وَلِيُنَادِ بِذَلِكَ] الجامع الصحيح: أبواب الصلاة: باب ما جاء في بدء الأذان: الحديث (١٨٩) وقال الترمذي: حديث عبد الله بن زيد حسن صحيح.
(٣٣٣) الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان: باب الأذان: ذكر الخبر الدال على أنَّ المؤذنَ يكون له كأجرِ مَنْ صلّى بأذانِهِ: الحديث (١٦٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>