للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُدَّعِي، أي بعد ذلك، دَعْوَى الْقِيْمَةِ، لاحتمال أنها هلكت، فَإِنْ نَكَلَ، أي المدعى عليه عن اليمين، فَحَلَفَ الْمُدَّعِي أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً كُلِّفَ الإِحْضَارَ وَحُبِسَ عَلَيْهِ وَلاَ يُطْلَقُ إِلَّا بِإِحْضَارٍ أَوْ دَعْوَى تَلَفٍ، فتؤخذ منه القيمة ويقبل منه دعوى التلف، وإن كان خلاف قوله الأول للضرورة.

وَلَوْ شَكَّ الْمُدَّعِي؛ هَل تَلِفَتِ الْعَيْن؟ فَيَدَّعِي قِيْمَةً أَمْ لاَ؛ فَيَدَّعِيْهَا فَقَالَ: غَصَبَ مِنِّي كَذَا، فَإِنْ بَقِيَ لَزِمَهُ رَدُّهُ وَإِلا فَقِيمَتُهُ سُمِعَتْ دَعوَاهُ، للحاجة، وعليه عمل القضاة، فعلى هذا يحلَّفُ أنه لا يلزمه ردُّ العين ولا قيمتها, وَقِيْلَ: لاَ، لأنها غير جازمة، بَلْ يَدَّعِيْهَا وَيُحَلِّفُهُ ثُمَّ يَدَّعِي الْقِيْمَةَ وَيَجْرِيَانِ فِيْمَنْ دَفَعَ ثَوْبَهُ لِدَلَّالٍ لِيَبِيْعَهُ فَجَحَدَهُ وَشَكَّ هَلْ بَاعَهُ فَيَطْلُبُ الثَّمَنَ، أَمْ أَتْلَفَهُ! فَقِيْمَتَهُ، أمْ هُوَ بَاقٍ فَيَطْلُبُهُ، أي فعلى الأول يدعي أن عليه ردُّ الثوب أو ثمنه أو قيمته، ويحلف الخصم يمينًا واحدة أنه لا يلزمه تسليم الثوب ولا ثمنه ولا قيمته، فلو نكل ورُدَّتِ اليمينُ على المدّعي! فهل يَحْلِفُ على التردد كما ادَّعى على التردد أم يُشترط التعيين؟ وجهان؛ وعلى الثاني: يدّعى العين في دعوىً، والقيمة في أخرى، والثمن في أخرى.

فَرْعٌ: جميع ما ذكرناه فيما إذا كان الخصم حاضرًا، فإن كان غائبًا والمال في البلدِ كما وصفناه، أُحضر مجلس الحكم أيضًا، وأخذه ممن هو في يده لتشهد الشهود على عينه (•).

وَحَيْثُ أَوْجَبْنَا الإِحْضَارَ فَثَبَتَ لِلْمُدَّعِى اسْتَقَرَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَى الْمُدَّعَي عَلَيْهِ، لأنه المحوج إلى ذلك، وَإِلَّا فَهِيَ، يعني مؤنة الإحضار، وَمُؤْنَةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُدَّعِي، لأنه المحوج إليه.

فَصْلٌ: الْغَائِبُ الَّذِي تُسْمَعُ الْبيِّنَةُ وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ مَنْ بِمَسَافَةٍ بَعِيِدَةٍ، لأن القريب يسهل إحضاره، وَهِيَ، ويعني المسافة البعيدة، الَّتِي لاَ يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرٌ إِلَى مَوْضِعِهِ


(•) فرع في النسخة (١) فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>