للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيْلًا، أي فإن كان يرجع فقريبة، وتسمَّى مسافة الْعَدْوَى كما سيأتي، وللقاضي أن يحكم على من غاب إلى الأُولى؛ لأن في إحضاره مفارقة الأهل ليلاً، وَقِيْلَ: مَسَافَةُ قَصْرٍ، أي والقريبة ما دونها، وَمَنْ بِقَرِيْبَةٍ كَحَاضِرٍ فَلاَ تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَيُحْكَمُ بِغَيْرِ حُضُورِهِ، أي بل يحضر ليأتي بمطعن إن أمكن بخلاف البعيد فإن انتظاره يطول، إِلَّا لِتَوَارِيْهِ أَوْ تَعَزُّزِهِ، أي فإنها تسمع ويحكم عليه وإلا اتخذ الناس التواري والامتناع ذريعة إلى إبطال الحقوق، وَالأَظْهَرُ: جَوَازُ الْقَضَاءِ عَلَى غَائِبٍ فِي قِصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ وَمَنْعُهُ فِي حَدِّ اللهِ تَعَالَى, لأن حقَّ الله تعالى مَبْنِيٌّ على المسامحة لاستغنائه، وحقُّ الآدمي مبني على التضييق لاحتياطه، والثاني: المنع مطلقًا؛ لأن الحدَّ يسعى في دفعه ولا يوسع بابه، والثالث: الجواز مطلقًا، كما في الأموال فيكتب إلى قاضي بلد المشهود عليه ليأخذه بالعقوبة.

وَلَوْ سَمِعَ بَيِّنَةً عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ قَبْلَ الْحُكْمِ لَمْ يَسْتَعِدْهَا بَلْ يُخْبِرُهُ، أي بالحال، وَيُمَكّنُهُ مِنْ جَرْحٍ، أي وإن قدم بعد الحكم فهو على حجته في إقامة البيّنة بالأداء والإبراء وجرح الشهود، لكن يشترط أن يُؤَرِّخَ الجارحُ فِسْقَهُ بيوم الشهادة؛ لأنه إذا أطلق احتمل حدوثه بعد الحكم , وَلَوْ عُزِلَ بَعْدَ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ وُلِّيَ وَجَبَتِ الِاسْتِعَادَةُ، لبطلانها بالعزل.

فَصْلٌ: وَإِذَا اسْتُعْدِيَ عَلَى حَاضِرٍ بِالْبَلَدِ، أي على طلبه، أَحْضَرَهُ بِدَفْعِ خَتْمِ طِيْنٍ رَطْبٍ؛ أَوْ غَيْرِهِ، ليعرضه على الخصم، وليكن مكتوبًا عليه أجب القاضي، أَوْ بِمُرَتَّبٍ لِذَلِكَ، أي وَهُمُ الأعوانُ سواءٌ عرف أن بينهما معاملة أم لا؟ ! صيانةً للحقوق، ولاحتمال أن له عليه حقًا بجهة إرث أو إتلاف، فَإِنِ امْتَنَعَ بِلاَ عُذْرٍ أَحْضَرَهُ بِأَعْوَانِ السُّلْطَانِ وَعَزَّرَهُ، أي بما يراه، فإن امتنع به كمرض ونحوه بعث إليه من يحكم بينه وبين خصمه أو يأمره بنصب وكيل ليخاصم عنه، أَوْ غَائِبٍ فِي غَيْرِ وِلَايَتِهِ، محل، فَلَيْسَ لَهُ إِحْضَارُهُ، لانتفاء ولايته عليه، أَوْ فِيْهَا وَلَهُ هُنَاكَ نَائِبٌ لَمْ يُحْضِرْهُ بَلْ يَسْمَعُ بَيِّنَةً وَيَكْتُبُ إِلَيْهِ, لأن في إحضاره مشقَّة مع إمكان الحكم في

<<  <  ج: ص:  >  >>