لا يُتَّهَمَانِ تهمة الأب والابن، وَلاَ تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ، لتهمته، وَهُوَ مَنْ يُبْغِضُهُ بِحَيْثُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ، وَيَحْزَنُ بسُرُورِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيْبَتِهِ، وَتُقْبَلُ لَهُ، إذ لا تهمة، وَكَذَا عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِيْنٍ كَكَافِرٍ وَمُبْدِعٍ، لأن العداوة الدينية لا توجب رَدَّ الشهادة.
وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ لاَ نُكَفِّرُهُ، إِلَّا الْخِطَابِيَّةُ فإنهم يشهدون بالموافقة، فإن ذكر في شهادته ما يقطع الاحتمال قُبِلَتْ، لاَ مُغَفَّلٍ لاَ يَضْبِطُ، لعدم الوثوق بقوله، نعم لو فصَّل الشهادة فوصف المكان أو الزمان وتأنق في ذكر الأوصاف قبلت والغلط اليسير لا يقدح، وَلاَ مُبَادِرٍ، للتهمة، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللهِ تَعَالَى، وَفِيْمَا لَهُ فِيْهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ، أي لا يتأثر برضى الآدمي، كَطَلاَقٍ وَعِتْقٍ وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ، وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا، وَحَدٍّ لَهُ، كحد الزنا وقطع الطريق والسرقة، وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيْحِ، لأنه متعلق حقوق الله تعالى كالطلاق والعتاق، والثاني: لا تقبل فيه، وصححه الغزالي، واحترز بـ (حق الله تعالى) عن حق الآدمي كالقصاص وحد القذف والبيوع والأقارير، فإن شهادة الحسبة لا تقبل فيه، فإن لم يعلم صاحب الحق أعلمه الشاهد حتى يدعى ويستشهده فيشهد.
فَصْلٌ: وَمَتَى حَكَمَ بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ، لأنه يتيقن الخطأ كما لو حكم باجتهاد ثم بَانَ النصُّ بخلافه، وَكَذَا فَاسِقَانِ فِي الأَظْهَرِ، كسائر المسائل المذكورة، وأولى؛ لأن اعتبار العدالة منصوص عليه، قال الله تعالى:{إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ... } الآية (٥٣١)، والثاني: لا ينقض، لأن فسقهم إنما يعرف ببيّنة تقوم عليه، وعدالة تلك البيّنة لا تدرك إلّا بالاجتهاد، والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.