وجه الحُرَّةِ وكَفَّيْهَا لا يثبت إلَّا برحلين تفريعًا على أنهما ليسا من العورة، وفي وجه الأمَة وما يبدو منها عند المهنة يثبت برجل وامرأتين لأن المقصود منه المال، وأطلق الماوردي نقل الإجماع على أن عيوب النساء في الوجه والكفين لا يُقبل فيهما إلَّا الرجال دون النساء، ولم يفصل بين الحرة والأمَة، وصرح به القاضي فيهما.
وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وامْرَأَتَيْنِ لا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِيْنٍ، لأن الأول أقوى، وَمَا ثَبَتَ بِهِمْ، أي برجل وامرأتين، ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِيْنٍ، لأنه عَلَيهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ [قَضَى بِيَمِيْنٍ وَشَاهِدٍ] رواه مسلم من حديث ابن عباس وله طرق أخرى رواه عشرون صحابيًا فأكثر مرفوعًا (٥٤٠)، إِلَّا عُيُوبَ النَّسَاءِ وَنَحْوَهَما، أي فإنها لا تثبت برجل ويمين لخطر أمرها بخلاف المال، وَلا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِيْنٍ، وَإنَّمَا يَحْلِفُ المُدَّعِي بَعْدَ شَهادَةِ شاهِدِهِ وَتَعْدِيْلِهِ، ليُقوى جانبه إذًا، وَيَذْكُرُ فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ، أي وجوبًا، فإِن تَرَكَ الْحَلِفَ وَطَلَبَ يَميْنَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، لأنه قد يكون له غرض في التورع عن اليمين، فإن حلف سقطت الدعوى، فَإِنْ نَكَلَ، أي المدعى عليه، فَلَهُ، أي للمدعي، أَنْ يَحْلِفَ يَمِيْنَ الرَّدِّ فِي الأَظْهَرِ، كما لو لم يكن له إلّا شاهد ونكل المدعى عليه؛ فإن للمدعي أن يحلف يمين الرد في الأظهر، والثاني: لا؛ لأنه لا يمكنه الحلف مع الشاهد.
فَصْلٌ: وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُها، يَسْتَرِقُّهُمَا، فَقالَ رَجُلٌ: هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذا فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شاهِدٍ ثَبَتَ الاِسْتِيْلاَدُ، لأن حكم المستولدة حكم المال فتسلم إليه، وإذا مات حكم بعتقها بإقراره، لا نَسَبُ الْوَلَدِ وَحُرَّيَّتُهُ فِي الأَظْهَرِ، لأنهما لا يثبتان بهذه الحجة فيبقى الولد في يد صاحب اليد، والثاني: يثبتان تبعًا لها فينزع الولد منه ويكون حرًا نسيبًا بإقرار المدعي.