فَالْمَذْهَبُ: انْتِزاعُهُ وَمَصِيْرُهُ حُرًّا، كذا نص عليه؛ فمنهم من خرَّج فيه قولًا من المسألة قبلها؛ لأنها شهادة بملك متقدم، ومنهم من قطع بالنص وفَرقَ بأن المدعى عليه هنا يدعي ملكًا؛ وحُجَّتُهُ تصلح لإثباته، والعتق يترتب عليه؛ بخلاف الاستيلاد وجعلها في أصل الروضة المذهب؛ وهو من تَصَرُّفِهِ.
وَلَوِ ادَّعت وَرَثَةٌ مَالًا لِمُوَرَّثِهِمْ! وَأَقامُوا شاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُم أَخَذَ نَصِيْبَهُ، وَلا يُشارَكُ فِيْهِ، كذا نص عليه هنا، ونص في الصلح فيما لو ادّعيا دارًا إرثًا! فَصَدَّقَ المدَّعى عليه أحدهما وكذب الآخر، فإن المكذب يشارك المصدق، فخرج بعضهم من الصلح قولًا: أن ما أخذه الحالف يشاركه فيه من لم يحلف؛ لأن الارث ثبت على الشيوع، وقطع به الجمهور بما نص عليه، وفرقوا بأن الثبوت هنا بشاهد ويمين، فلو أثبتنا الشركة لَمَلَّكْنَا الناكل بيمين غيره، وهناك الثبوت بإقرار المدعى عليه ثم يترتب عليه إقرار المصدق بأنه إرث، وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِف بِنُكُولِهِ إِنْ حَضَرَ وَهُوَ كَامِلٌ، أي حتى لو مات لم يكن لوارثه أن يحلف قاله الإمام، وفي كلام غيره ما ينازع فيه، فَإِنْ كَانَ غائِبًا أوْ صَبِيًّا أو مَجْنُونًا، فَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيْبَهُ فَإِذَا زالَ عُذْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ بِغَيْرِ إِعادَةِ شَهادَةٍ، وفي قول: يقبض ويوقف (•). ولو تغيَّر حال الشاهد ففى إعادة الشهادة تردُّدٌ.
فَصْلٌ: وَلا تَجُوزُ شَهادَةٌ عَلَى فِعْلٍ كَزِنَا وَغَضْبٍ وَإِتْلاَفٍ وَوِلاَدَةٍ إِلَّا بِالإِبْصَارِ، لأنه يصل به إلى العلم من أقصى جهاته، وَتُقْبَلُ مِنْ أَصَمَّ، لحصول العلم له بالمشاهدة، وَالأَقْوَالُ كَعَقْدٍ، أي وفسخ، يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا، أي ولا يكفي التسامع لأن ما أمكن إدراكه بعلم الحواس لم يجز أن يعمل فيه بالظن ولا تقبل فيها شهادة الأصم الذي لا يسمع شيئًا، وَلَا يُقبَلُ، الشهادة من، أعْمَى، لانسداد طريق المعرفة عليه مع اشتباه الأصوات وإمكان التصنع فيها، إِلَّا أَنْ يُقَرَّ فِي أُذُنِهِ، أي بطلاق أو إعتاق أو مال، فَيَتَعَلَّقَ بِهِ حَتَّى يشْهَدَ عِندَ قاضٍ بِهِ عَلَى الصَّحِيْحِ، لحصول العلم