للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيما تقدم، والرّدَّةُ تُشْعِرُ بِخُبْثٍ في العقيدة سابقٍ، والعداوَةُ تنشأُ لِضَغَائِنَ كانت مسكنة وليس لمدة الريبة من قبل ضبط فينعطف إلى حالة التحمل، وَجُنُونُهُ، يعني الأصل، كَمَوْتِهِ عَلَى الصَّحِيْحِ، لأنه لا يوقع ريبة فيما مضى، والثاني: يمنع كالفسق.

وَلَوْ تَحَمَّلَ فَرْعٌ فَاسِقٌ أَوْ عَبْدٌ، أي، أَوْ صَبِيٌّ فَأَدَّى وَهُوَ كَامِلٌ قُبِلَتْ، كما في الأصل إذا تحمل وأدّى في حال الكمال، وَيَكْفِي شَهَادَةُ اثْنَيْنِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ، لأنها شهادة على شخصين فجاز أن يجتمعا عليهما في حقين كما لو شهدا على مقرّين، وَفِي قَوْلٍ: يُشْتَرَطُ لِكُلِّ رَجُلٍ وامْرَأَةٍ اثْنَانِ، لأنهما إذا شهدا على شهادة أحد الأصلين كانا كشاهد واحد قام بها شهادة أحد الشطرين فلا يقوّم بها الشطر الثاني، كما لو شهد مرة على شيء لا يشهد مرة أخرى، وربما سُمِّيَ هذا الجديد والأول القديم، ووقع في الكفاية: أن النووي صحَّحَ هذا وكأنه وهم.

وَشَرْطُ قَبُولِهَا، يعني شهادة الفرع على الأصل، تَعَذُّرُ أَوْ تَعَسُّرُ الأَصِيْلِ بِمَوْتٍ أوْ عَمًى، أوْ مَرَضٍ يَشُقُّ حُضُورُهُ، أي لا مطلق المرض، أَوْ غَيْبَةٍ لِمَسَافَةِ عَدْوَى، وَقِيْلَ: قَصْرٍ، كذا وقع في الكتاب، وصوابه زيادة لفظة (فَوْقَ) قبل مسافة العَدْوَى فإنه الذي يسوّغ شهادة الفرع، كما قرره في الروضة تبعًا للرافعي، ووقع في الْمُحَرَّرِ على الصواب كما بَيَّنَهُ في الأصل فَلَيْتَهُ تَابَعَهُ، وَأَنْ تُسَمَّيَ الأُصُولَ، لتعرف عدالتهم، وَلاَ يُشْتَرَطُ أَنْ يُزَكّيَهُمُ الْفُرُوعُ، أي بل لهم إطلاق الشهادة، والقاضي يبحث عن عدالتهم، وقيل: يشترط، فَإِنْ زَكَّوْهُمْ قُبِلَ. وَلَوْ شَهِدُواْ عَلَى شَهادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ عُدُولٍ وَلَمْ يُسَمُّوهُمْ لَمْ يَجُزْ، لأن القاضي قد يَعْرِفَهُمْ بالجرح لو سُمُّواْ.

فَصْلٌ: رَجَعُواْ، يعني الشهود، عَنِ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ، أي الحكم بشهادتهم لأنه لا يدري أصدقوا في الأول أو في الثاني فلا ينفى ظن الصدق، أَوْ بَعْدَهُ، أي بعد الحكم، وَقَبْلَ اسْتِيْفاءِ مالٍ اسْتُوفِيَ، لأن القضاء قد تَقَدَّمَهُ (•) وليس هو مما يسقط بالشبهة حتى يتأثر بالرجوع، أَوْ عُقُوبَةٍ، أي كقصاص وحد قذف،


(•) في النسخة (١): قد نفذ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>