الله تعالى، لأن حقَّ الآدميَّ مبنيٌّ على الشح وحقه تعالى على المسامحة لاستغنائه، وهذا كما في كتاب القاضي إلى القاضي فإن الأصح المنع في حق الله تعالى دون حق الآدمي، وقد يرتب فيقال: إن جوّزنا في حق الله ففي حق الآدمي أولى، فإن منعنا هناك فهنا قولان، وَتَحَمُّلُهَا بِأَنْ يَسْتَرْعِيْهِ، يعني الأصل، فَيَقُولُ: أَنا شاهِدٌ بِكَذَا وَأُشْهِدُكَ أَوْ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي، أي وكذا إذا استَشْهَدْتَ على شهادتي فقد أذنت لك في أن تشهد، أَوْ يَسْمَعُهُ يَشْهَدُ عِنْدَ قاضٍ، لأنه لا يتصدى لإقامة الشهادة عند القاضي إلا بعد تحقق الوجوب، أوْ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلاَنٍ عَلَى فُلَانٍ أَلْفًا عَنْ ثَمَنِ مَبِيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ، لأن الاستناد إلى السبب يقطع احتمال الوعد والتساهل، وَفِي هَذا وَجْهٌ، أي أن الاستناد إلى السبب لا يكفي للتحمل، حكاه الإمام وقال: إنه أظهر، وذكر ابن القاصّ: أنه إذا سمع الشاهد يحمل شاهدًا؛ فيصح تحمله على شهادته مسترعيًا، وينبغي أن يجوّز للسامع التحمل لأن القصد معرفة عدم التساهل، وَلَا يَكْفِي سَمَاعُ قَوْلِهِ: لِفُلاَنٍ عَلَى فُلاَنٍ كَذا، أَوْ أَشْهَدُ بِكَذَا، أَوْ عِنْدِي شَهادَةٌ بِكَذَا، لأن الناس قد يتساهلون في إطلاق ذلك على عدة ونحوها، وَليُبَيَّنِ الْفَرْعُ عِنْدَ الأَدَاءِ جِهَةَ التَّحَمُّلِ، أي فإن استرعاه الأصلَ قال: اشهد أن فلانًا شَهِدَ أنَّ لفلان على فلان كذا، وأشهدَني على شهادته، وإن لم يسترعِهِ بَيَّنَ أنَّه شَهِدَ عند القاضي، أو أنه أسندَ المشهود به إلى سببه؛ لأن الغالب على الناس الجهل بطريق التحمل، فَإِنْ لَمْ يُبَيَّنْ، أي جهة التحمل، وَوَثِقَ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ فَلَا بَأْسَ، لانتفاء المحذور، نَعَمْ؛ يُسْتَحَبُّ للقاضي أنْ يسأله بِأَيِّ سبب ثبتَ هذا المال؟ وهل أخبرك به الأصل؟
وَلَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَلَى شهادَةِ مَرْدُودِ الشَّهَادَةِ، لأنه غير مقبولها، وَلا تَحْمِلُ النَّسْوَةُ، أي وإن كانت الأصول أو بعضهم نساء وكانت الشهادة في ولادة أو رضاع أو مال، لأن شهادة الفرع تثبت بشهادة الأصل لا ما شهد به الأصل، ونفس الشهادة ليست بمال يطلع عليه الرجال، وفيه وجه شاذٌّ، فَإن مَاتَ الأَصْلُ أوْ غابَ أَوْ مَرِضَ لَمْ يَمْنَعْ شَهَادَةَ الْفَرْعِ، لأن ذلك ليس نقصًا، وَإِنْ حَدَثَ رِدَّةٌ أَوْ فِسْقٌ أَوْ عَداوَةٌ مَنَعَتْ، لأن هذه الأحوال لا تَهْجُمُ دُفْعَةً واحدة بل الفسق يورث الريبة