للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصنف شيئًا من هذه الأقوال على قول الاستعمال، نعم؛ قال الإمام تبعًا للقاضي: إن الوقف أعدلهما، وصححه الفارقي وفي البيان عن الرَّبيع أنَّه أصح، وضعف بأنَّ وَقْفَ البيّنة على البيان يُوجب الحكم بالبيان دون البيّنة، أما إذا أقر الثالث الذي في يده العين لأحدهما بعد قيام البينتين، فإن قلنا بالتساقط رجع إليه، وإن قلنا بالاستعمال فهل يرجع إليه؟ فيه وجهان، فإن أقر قبل قيامهما قُبل إقراره وصار المقر له صاحب يد، وَلَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِمَا وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ بَقِيَتْ كَمَا كَانَتْ, لأن بينة كل واحد ترجحت في النصف الذي في يده، وَلَوْ كَانَتْ بِيَدِهِ فَأَقَامَ غَيْرُهُ بِهَا بَيِّنَةً؛ وَهُوَ بَيِّنَةً؛ قُدِّمَ صَاحِبُ الْيَدِ، ترجيحًا لها، كما إذا كان مع أحد الخبرين قياس، ولا يُشترط في سماع بيّنة الداخل إن تبين سبب الملك من شراء أو إرث أو غيرهما كبيّنة الخارج، ولَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ إِلَّا بَعْدَ بَيِّنَةِ الْمُدَّعِي, لأن البيّنة إنما تقام على خصم.

وَلَوْ أُزِيْلَتْ يَدُهُ بِبَيِّنَةٍ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِمِلْكِهِ مُسْتَنِدًا إِلَى مَا قَبْلِ إِزَالَةِ يَدِهِ وَاعْتَذَرَ بغَيْبَةِ شُهُودِهِ سُمِعَتْ وَقُدِّمَتْ, لأنها أزيلت لعدم الحجة وقد ظهرت، وَقِيْلَ: لَا، لأن تلك اليد مقضى بزوالها وبطلان حكمها فلا ينقض القضاء، قال القاضي: وأشكلت علَيَّ هذه المسألة نيفًا وعشرين سنة لما فيها من نقض الاجتهاد بالاجتهاد، وتردد جوابي فيها ثم استقر على أنه لا ينقض، وَلَوْ قَالَ الْخَارِجُ: هُوَ مِلْكِي اشْتَرَيْتُهُ مِنْكَ، فَقَالَ: بَلْ مِلْكِي وَأَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ قُدِّمَ الْخَارِجُ، لزيادة علم ببيّنته، وفي عكسه القول قول الداخل لأن مع بينته زيادة علم وهو الانتقال، ولو قال كُلٌّ لصاحبه: اشتريته منك وأقام بيّنة وخفي التاريخ فالداخل أولى، وَمَنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَمْ تُسْمَعْ إِلَّا أَنْ يَذْكُرَ انْتِقَالًا, لأن المقر مؤاخذ بإقراره في المستقبل فيستصحب ما أقر به إلى أن يثبت الانتقال.

وَمَنْ أُخِذَ مِنهُ مَالٌ بِبَيَّنَةٍ ثُمَّ ادَّعَاهُ لَمْ يُشتَرَطْ ذِكْرُ الاِنْتِقَالِ فِي الأَصَحِّ، كالأجنبي؛ فإنَّه لا خلاف أنَّه لو ادعى عليه أجنبي وأطلق أنَّه يسمع، والثاني: يشترط كما لو أقر، وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ زِيَادَةَ عَدَدِ شُهُودِ أحَدِهِمَا لا تُرَجِّحُ، لكمال الحجة

<<  <  ج: ص:  >  >>