للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلاَ قَلِيلِ انْتَشَرَ بِعَرَقٍ، لمجاوزته محلَّهُ، ولأن البلوى به لا تعم، وبهذا ظهر الفرق بين هذا وبين ما إذا عَرق مَحِلُّ النَّجْوِ فتلوث به غيره حيث صحح الرافعي فيه العفو، وَتُعْرَفُ الْكَثْرَةُ بِالْعَادَةِ، أي فيما إذا يقع التلطخ به غالباً ويَعْسُرُ الاحتراز عنه؛ قَلِيلٌ، وإن زاد: فَكَثِيرٌ، لأن أصل العفو إنما اثبتناه لتعذر الاحتراز؛ فينظر أيضاً في الفرق بين القليل والكثير إليه، وعلى هذا فيختلف بالبلاد والأوقات، قال الإِمام: والذى أقطع به أنه لا بد أيضاً من أعتبار عادة الناس في غسل الثياب ويُرْجَعُ فِي هَذَا كُلِّهِ إِلَى رَأْيِ الْمُصَلِّي.

فَرْعٌ: لو كانت النجاسة متفرقة، ولو جمعت لبلغت قدراً لا يعفى عنه، ففيه احتمالان للإمام؛ وميله إلى العفو.

قُلْتُ: الأَصَحُّ عِنْدَ المُحَقِّقِينَ الْعَفْوُ مُطْلَقاً, وَالله أَعْلَمُ، لأن هذا الجنس يشق الاحتراز منه في الغالب، فأُلْحِقَ نادره بغالبه.

وَدَمُ البَثَرَاتِ كَالْبَرَاغِيثِ، لأن الإِنسان قَلَّ ما يخلو عنها، فلو وجب الغسل لِكُلِّ مَرَّةٍ لَشَقَّ، وَقِيلَ: إِنْ عَصَرَهُ فَلاَ، للاستغناء عنه، وَالدَّمَامِيلُ، وَالْقُرُوحُ، وَمَوْضِعُ الْفَصَدِ، وَالحَجَامَةِ؛ قِيلَ: كَالْبَثَرَاتِ، لعسر الاحتراز عن لطخها (٤٦٢)،


= قَالَ: يُعِيدُ الْوُضُوءَ. رواه البخاري معلقاً في كتاب الوضوء من الصحيح: باب من لم ير الوضوء إلا من المخرجين من القبل والدبر. قال ابن حجر: وهذا التلعيق وصله ابن أبي شيبة وغيره بنحوه وإسناده صحيح: ينظر: الفتح: ج ١ ص ٣٧١، وينظر: المصنف لابن أبي شيبة: النص (٤١٢).
(٤٦٢) • عَلَّقَ البخاري في الصحيح: كتاب الوضوء: باب (٣٢): قال: وَعَصَرَ ابْنُ عُمَرَ بَثْرَةً فَخَرَجَ مِنْهَا الدَّمُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قال ابن حجر في الشرح: وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وزاد قبل قوله: ولم يتوضأ (ثُمَّ صَلَّى): ينظر من الفتح: ج ١ ص ٣٧٤. ولفظه عند أبي شيبة: عَنْ بَكْرٍ قَالَ: (رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَصَرَ بَثرَةً فِي وَجْهِهِ، فَخَرَجَ شَيْءٌ مِن دَمٍ فَحَكَّهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ). الكتاب
المصنف: الباب (١٦٧): النص (١٤٦٩). =

<<  <  ج: ص:  >  >>