للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالأَصَحُّ إِنْ كاَنَ مِثْلُهُ يَدُومُ غَالِباً فَكَالاِسْتِحَاضَةِ، أى فيحتاط له بقدر الإمكان كما فيها، ويعفى عما يتعذر أو يشق من غير جريان خلاف، وَإلاَّ فَكَدَمِ الأَجْنَبِيِّ، لأنها تندر بخلاف البثرات، فَلاَ يُعْفَى، عنه أي عن دم الأجنبي لانتفاء المشقة فيه، وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ قَلِيلِهِ، أي وهو ما عده الناس عفواً؛ لأن جنس الدم يتطرق إليه العفو؛ فيقع القليل منه وفي محل المسامحة. قُلْتُ: الأَصَحُّ أَنّهَا، أي الدَّمَامِيْلُ إلى أخر

ما تقدم، كَالبَثَرَاتِ, لما سلف، وَالأَظْهَرُ الْعَفْوُ عَنْ قَلِيلِ دَمِ الأَجْنَبِيِّ، وَالله أَعْلَمُ، لما سلف أيضاً، قُلْتُ: ويستثنى من الدماء دم الكلب والخنزير والمتولد من أحدهما فلا يعفى عن شيء منه قطعاً كما أشار إليه صاحب البيان، وَالْقَيْحُ، وَالصَّدِيدُ كَالدَّمِ، أي في جميع ما ذكرناه في نفسه وأجنبي، لأنهما دمان استحالا إلى زيادة فساد، وَكَذَا مَاءُ الْقُرُوحِ وَالْمُتَنَفِّطُ الَّذِي لَهُ رِيحٌ، قياساً على القيح والصَّدِيدِ،

وَكَذَا بِلاَ رِيحٍ فِي الأَظْهَرِ، لأنه تحلل بعلَّة فهو كالقيح والصديد الذي لا رائحة له.


• أمَّا الْحَجَامَةُ والبزق وقليل الدم، فإنها ليست بحدث؛ وعلق البخاري في صحيحه قال: قال طاووس ومُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وعطاءُ وأهلُ الحجاز: لَيْسَ فِي الدَّمِ وُضُوءٌ.
قال ابن حجر: طاووس ابن كيسان التابعي المشهور: وأثره هذا وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، ولفظه: (أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى فِي الدَّمِ وُضُوءاً؛ يَغْسِلُ عَنْهُ الدَّمَ وَحَسْبُهُ) إهـ. وهو كما قال؛ أسنده ابن أبي شيبة في الكتاب المصنف: النص (١٤٧٣) وفيه: (الدَّمُ السَّائِلُ وُضُوءاً). وقال في الفتح: ومحمد بن علي أي ابن الحسين بن على أبو جعفر الباقر: وأثره هذا رويناه موصولاً في فوائد الحافظ أبي
بشر المعروف بسمويه من طريق الأعمش، قال: سألت أبا جعفر الباقر عن الرُّعَافِ، فقال: لو سال نهر من دم ما أعدت منه الوضوء. وعطاء هو ابن أبي رباح، وأثره هذا وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه. وأما رأي أهل الحجاز فقال: رواه عبد الرزاق من طريق أبي هريرة وسعيد بن جبير، وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق ابن عمر وسعيد بن المسيَّب، وأخرجه إسماعيل القاضي من طريق أبي الزناد عن الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وهو قول مالك والشافعي. ينظر: الكتاب المصنف: الباب (١٦٧) بنصوصه: من كان يرخص فيه ولا يرى فيه وضوءاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>