للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الصلاة تبطل بعمدها، وكذا بسهوها على الأصح، فلا سجود وهذا معنى قوله بعد ذلك: كَكَلاَمٍ كَثِيرٍ فِي الأَصَحِّ، والخلاف عائد إلى التمثيل لما يبطل سهوه وهو الكلام الكثير لا إلى قوله سجد، قُلْتُ: وإذا تنفل على الدابة وَحَوَّلَهَا عن صوب مقصده سهوًا، وعاد على الفور لا تبطل صلاته فلا يسجد له على ما صححه المصنف في شرح المهذب، فتستثنى هذه الصورة من كلامه.

وَتَطْوِيلُ الرُّكْنِ الْقَصِيِر يُبْطِلُ عَمْدُهُ فِي الأَصَحِّ، لأنه يخلُّ بالموالاة وسواء طوَّله بسكوت أو قنوت في غير موضعه أو ذكر آخر، والثاني: أنه لا يبطل عمده وبه صح الحديث في مسلم (٤٩٥)، فَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ، لإخلاله بصورة الصلاة، فَالاِعْتِدالُ قَصِيرٌ، أي بالنسبة إلى غير القنوت وصلاة التسبيح، وَكَذَا الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ فِي الأَصَحِّ، لأن المقصود الفصل، والثاني: أنه رُكْنٌ طَوِيْلٌ وصححه المصنف فِي شرح المهذب، وَلَوْ نَقَلَ رُكْنًا قَوْلِيًا كَفَاتِحَةٍ فِي رُكُوعٍ أَوْ تَشَهُّدٍ لَمْ تَبْطُلْ بِعَمْدِهِ فِي الأَصَحِّ، لأنه لا يخل بصورتها، والثاني: تبطل كما لو كرر ركنًا فعليًا، والفرق لائح؛ ويستثنى من القولي نقل السَّلام فإنه مبطل، وَيَسْجُدُ لِسَهْوِهِ فِي الأَصَحِّ، لإخلاله بصورتها، والثاني: لا؛ كسائر ما لا يبطل عمده، والعمد كَالسَّهْوِ، كما صرح به في شرح المهذب خلاف لما اقتضاه ايراده هنا، وَعَلَى هَذَا تُسْتَثْنَى هَذِهِ

الصُّوْرَةُ مِنْ قَوْلِنَا: المتقدم: مَا لاَ يَبْطُلُ عَمْدُهُ، لاَ سُجُودَ لِسَهْوِهِ، قُلْتُ: ويستثنى أيضًا ما إذا قنت قبل الركوع فإن عمده لا يبطل مع أن سهوه يقتضي السجود كما ذكره في الروضة، وكذا إذا فرقهم أربع فرق في صلاة الخوف فإنه جائز كما ذكره في بابه، ويسجد للسهو للمخالفة بالانتظار في غير موضعه كما ذكره في الروضة


(٤٩٥) الحديث عن أنس قال: مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ أَحَدٍ أَوْجَزَ صَلاَةً مِنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي تَمَامٍ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُتَقَارِبَةً، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطّابِ مَدَّ فِي صَلاَةِ الْفَجْرِ وَكَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا قَالَ: [سَمِعَ الله لِمَنْ حَمِدَهُ] قَامَ حَتَّى نَقُولُ قَدْ أُوْهِمَ، ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَقْعُدُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ حَتَّى نَقُولُ: قَدْ أُوْهِمَ. رواه البخاري في الصحيح: باب اعتدال أركان الصلاة: الحديث (١٩٦/ ٤٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>