للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضًا، وكذا إذا ترك التشهد الأول ناسيًا وتذكره بعدما صار إلى القيام أقرب فإنه يعود إليه ويسجد كما سيأتى.

وَلَوْ نَسِيَ التَّشَهُّدَ الأَوَّلَ، أى إما مع نسيان القعود أو مع الإتيان به، فَذَكَرَهُ بَعْدَ انْتِصَابِهِ لَمْ يَعُدْ لَهُ، لأنه تلبس بفرض فلا يقطعه بِسُنَّةٍ، فَإِنْ عَادَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ، أي عامدًا، بَطَلَتْ، لأنه زاد قعودًا عمدًا، أَوْ نَاسِيًا فَلاَ، لرفع القلم عنه، وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ، لأنه زاد جلوسًا في غير موضعه، أَوْ جَاهِلًا فَكَذَا فِي الأَصَحِّ، لأنه مما يخفى على العوام، والثاني: أنها تبطل، لتقصيرهم بترك التعلم (٤٩٦)، وَلِلْمَأْمُومِ الْعَوْدُ لِمُتَابَعَةِ إِمَامِهِ فِي الأَصَحِّ، أي فيما إذا قعد الإمام للتشهد، وقام المأموم ناسيًا أو نهضا، ثم تذكر الإمام فعاد قبل الانتصاب وانتصب المأموم؛ لأن المتابعة فرض، فرجوعه رجوع إلى فرضٍ لا إلى سُنَّةٍ، والثاني: يحرم العود كما يحرم على المنفرد. قُلْتُ: الأَصَحُّ وُجُوبُهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ، لأن متابعة الإمام آكد (٤٩٧)، وَلَوْ تَذَكَّرَ، أي التشهد الأول، قَبْلَ انْتِصَابِهِ عَادَ لِلتَّشَهُّدِ، لأنه لم يتلبس بفرض، والمراد بالانتصاب الاعتدال والاستواء، وَيَسْجُدُ إِنْ كاَنَ صَارَ إِلَى الْقِيَامِ أَقْرَبَ، أي منه إلى القعود لأنه أتى بفعل غَيَّرَ نَظْمَ الصَّلاَةِ، ولو أتى به عمدًا في غير موضعه بطلت صلاته، فإن كان إلى


(٤٩٦) لحديث المغيرة بن شعبة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إِذَا قَامَ الإِمَامُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ؛ فَإِنْ ذَكَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِي قَائِمًا فَلْيَجْلِسْ، فَإِنِ اسْتَوَى قَائِمًا فَلاَ يَجْلِسْ وَيَسْجُد سَجْدَتَيِ
السَّهْوِ] رواه أبو داود في السنن: كتاب الصلاة: الحديث (١٠٣٦) وقال: وليس في كتابي عن جابر الجعفى إلا هذا الحديث. وقال ابن الملقن في التحفة: وفي إسناده جابر الجعفى وهو شيعى غالي، وثقه شعبه والثوري، وأطلق الترك عليه النسائي: الحديث (٤٠٢). قُلْتُ: والحديث ليس في عقيدته الطائفية، وإنما هو في الأحكام الفروعية. ففي جابر هذا مقال ينظر، وعلى ما يبدو في أنه يؤخذ بحديثه. واللهِ أعلم.
(٤٩٧) قلت: آكد للنص؛ لحديث عائشة رضي الله عنها؛ قالت: صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ شَاكٍ؛ فَصَلَّى جَالِسًا وَرَاءَهُ قَوْمٌ قِيَامًا؛ فَأَشَارِ إِلَيْهِمْ أَنِ اجْلِسُواْ. فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ:
[إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّواْ جُلُوسًا] رواه البخاري في الصحيح: كتاب الأذان: الحديث (٦٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>